Wednesday, December 20, 2006

The Departed الراحلون .. فيلم سكورسيزي الجديد



إهداء إلي د.أسامة، د.خالد، إيماتيور ، شريف نجيب، وأخي الحبيب المهندس ياسر عبقري هندسة الإتصالات وخلافه
...................................................................
.
.
"لا أريد أن أكون نتاج بيئتي ... أريد بيئتي أن تكون نتاجي الشخصي"

غالبا .. لن يفوز مارتن سكورسيزي بالإوسكار هذا العام عن فيلمه "الراحلون .... مرة أخري
.
فالفيلم الإشكالي ذو الجمال التصويري الفائق ، والتراكيب البصرية العنيفة، أروع من أن يحوز إعجاب لجنة التحكيم ذات التوجه السياسي
.
قطعة فنية بالغة العنف والقسوة ، رسمها سكورسيزي بحرفية وعينه علي أصل المشكلة: تحول الانسان من حالة إلي حالة، ومن شخص إلي آخر
.
في الراحلون .. يعود سكورسيزي إلي موضوعه المفضل: قلب المدينة النابض بالجريمة ، الذي يفسح مجالا بصريا متسعا لرشرشات الدم، وعقدة الذنب، والخيانة / الخطيئة .. لتتناثر أشلاء الجميع ، بلا إستثناء
.
قصة فيلم الراحلون مقتبسة من فيلم "علاقات جحيمية" والذي أنتج في هونج كونج عام 2002
.
قام بكتابة السيناريو المبدع ويليام ماناهون الذي قام بنحت ديالوج شديد العنف والسوقية إلي درجة الشاعرية ليضعه علي ألسنة أبطاله .. في أقرب تناول حتي الآن للوجه الآخر ـ المتوحش ـ لمدينة بوسطن التي تنام في أحضانها أعرق الجامعات ، وجمال معماري لا تخطئه العين
.
لكن أعين سكورسيزي و موناهان تنصب علي لوحة الفسيفساء البرية في جنوب المدينة علي خلفية واقع ملوث بالتمايز العرقي والطبقي .. حيث كل الفئران تمرح محاصرة في متاهة واحدة
.
من خلال طاقم الفيلم الخمس نجوم، وبمصاحبة فنانة المونتاج ورفيقة رحلة سكورسيزي ثيلما شوون ماكر ، يبدو فيلم الراحلون وكأنه كريشندو تصاعدي لفيلم عصابات نيويورك، عبر قفزة تاريخية من القرن التاسع عشر إلي لحظة الآن بجنوب بوسطن وسكانه ذو الاصل الأيرلندي
.
وكأن ليوناردو دي كابريو يحمل ماضيه من فيلم عصابات نيويورك، ليضعه تحت عناية المجرم العتيق جاك نيكلسون ـ كوستيلو ـ بديلا عن دانيل داي لويس .ـ وهنا تظهر علامتهما المميزة وهي "الجووتيي" أو السكسوكة الشيطانية ، وهي عند بيكلسون كزهرة كاملة التفتح بينما لدي كابريو كبرعم صغير ـ
.
كان ليوناردو دي كابيو يبحث عن الثأر في عصابات نيويورك، بينما في الراحلون هو رجل البوليس السري بيلي كوستجان الباحث عن الخلاص من الماضي الإجرامي الملوث لعائلته والمستعد أن يخاطر بحياته في سبيل خلاصه
.
ثم يأتي مات ديمون ـ كولن سوليفان ـ كالظل اليونجي ل كابريو، حيث يلعب دور المخبر الجديد بإدارة البوليس وهو الجاسوس والابن لزعيم المافيا الايرلندية جاك نيكلسون. كلتا الشخصيتان تشتركان في عدة عناصر: كلاهما جاسوس أو فأر بتعبير كاتب السيناريو، كلاهما يعمل لدي البوليس والمافيا لكن بدرجة شديدة التفاوت، وكلاهما علي علاقة عاطفية بالطبيبة النفسية ـ فيرا فراميجا ـ
.
وهكذا يبدو وكأن "الفئران" في الفيلم قد حوصرت بلا مخرج حيث وضعهم سكورسيزي كل في مكانه بعناية وحزم، في نادي العنف المزدوج داخل الإطار القانوني أو الإجرامي ... فلا فرق
.
ثم تأتي موسيقي الرولنج ستونز كخلفية موسيقية مستمرة منذ فيلم "الرجال الطيبون" لتربط بين المشاهد والأحداث وتقطيعات المونتاج كأداة وصل بين فيلمين متباينين في الزمان والمكان.وكأن الرجال الطيبون قد عبروا ساحة اللقاء النقاط الخمس لعصابات نيويورك كي يلتقوا في جنوب بوسطن علي هيئة "الراحلون"
.
"لا أريد أن أكون نتاج بيئتي ... أريد بيئتي أن تكون نتاجي الشخصي"
.
بدأ سكورسيزي فيلمه بهذه الجملة علي لسان بطله جاك نيكلسون ، وفي الخلفية مشهد من مشاهد العنف وجرائم الكره عام 1974وهكذا بدأ كوستيلو سرد القصة بسادية مفلسفة ، يستعرض فيها مفهومه عن القوة والكراهية والعنف المنتج.وكأنه يقول أن إدانة النفس والإعتراف بالذنب ، هي الأدوات التي تؤدي إلي تجاوز الأخطاء والنجاح قي التملك، بعيدا عن إتهام الآخر وتبرئة الذات... حيث الخيانة عملة ذات وجهين .. كلاهما مهلك
.
ويأتي سكورسيزي في المشهد الأخير ليجعل الفأر الكبير يتحرك ببطء علي حافة النافذة المطلة علي قبة القانون وهيئاته
.
وكأنه يقول: ماتت الفئران .. عاشت الفئران
........
......
....
ملحوظة: الفيلم لايزال في دور العرض هنا .. و يوجد لدي نسخة ماستر ، لكن لم أستطيع تحميل الملف علي الصفحة لأن حجم ملف الفيلم 2.82 جيجا ولايوجد موقع يسمح بتحميل أكثر من 500 ميجا. من يعرف حل لهذه المشكلة يقول ..
وسوف أقوم بتحميل الفيلم ليراه الجميع....
النسخة الماستر هدية من شركة الإنتاج علشان محدش يسألني جبت الفيلم منين....
كل سنة وأنتم طيبين .. هانكاه وكريسماس وعيد الأضحي المبارك
....
..

Thursday, November 30, 2006

قصص الإنتعاش .. إشرب كوكاكولا















.

وجدت هذا الاعلان السينمائي النادر عن كوكاكولا
الإعلان من إنتاج ستوديو مصر تحت إسم "قصص الإنتعاش 1
لا أعلم إذا كان الإعلان من أرشيف جريدة مصر السنمائية أم لا
يبدو أن الإعلان إنتج في أواخر الخمسينات ..وهناك أغنية لطيفة وكوميدية في الجزء الأخير من الإعلان المذكور تؤديها
عفاف شاكر أخت المطربة شادية علي ما أعتقد.. وقد أكون مخطئا .. كما أن هناك مشهد لشاطىء ستانلي بالأسكندرية.

أعتقد إنه إعلان نادر

The file is MP4 format, and you can watch it using quick Time

زمان .. وأيام زمان.

إضغط هنا لمشاهدة الفيلم
.
ملحوظة: الفيلم 25 ميجا .. ويحتاج لبعض الوقت حتي يتم تحميله
...
....
.......

Sunday, November 26, 2006

مصر تتخلف عن نفسها





بداوة القبيلة تلتهم حضارة المدينة

في الماضي السعيد كتب إسماعيل أدهم كتاب "لماذا أنا ملحد" .. لم يقتل أو يكفر، ولم تجتمع الناس للتظاهر بساحة الأزهر، ولم يقدم عضو برلمان سافل بطلب لمحاكمته. بل إقتصر الأمر علي نقاشه فيما قال وبحواره ومجادلته بالتي هي أحسن، وبالرد عليه من قبل أحمد زكي أبو شادي برسالة بعنوان: (لماذا أنا مؤمن؟) ، وبمقالة من محمد فريد وجدي بعنوان: لماذا هو ملحد؟ وانتهى الأمر عند هذا الحد.
كان هذا في الماضي السعيد عام 1936

قال فاروق حسني وزير الثقافة بالدولة المصرية أن الحجاب عودة إلي الوراء، وأن كل امرأة بشعرها الجميل تشبه زهرة، ويجب ألا يتم حجبها عن انظار الآخرين. واعرب الوزير عن اعتقاده بان "حجاب المرأة يكمن في داخلها وليس في خارجها ولابد ان تعود مصر جميلة كما كانت وتتوقف عن تقليد العرب الذين كانوا يعتبرون مصر في وقت من الاوقات قطعة من اوروبا".واكد ان ارتداء الحجاب في رأيه "ليست له علاقة بالتقوى والا فما تفسير مناظر الشباب والبنات على كورنيش" النيل بالقاهرة في اشارة الى الفتيات المحجبات اللاتي يشاهدن وهن يضعن ايديهن في ايدي الشباب في العاصمة المصرية.
لم تخرج كلمات فاروق حسني عن التعبير عن رأيه الشخصي، ولم يتعرض لأي حكم فقهي أو ديني يخص مسألة الحجاب. وقد أخطأ خطأ فادحا لأن مركزه السياسي يحتم عليه نوعا من التقية والإحتفاظ بآراءه الشخصية دون الإعلان عنها .. ولكنه مرض الغباء السياسي المنتشر بين وزراء مصر.

بداية ، هناك العديد من الأسباب الكافية لإقالة فاروق حسني عشرات المرات، بداية من هدم الكيان الثقافي المصري، وتبديد الآثار، والإتجار غير المشروع، وحريق مسرح بني سويف، إلي محاباة التيار التأسلمي.لكن تصريح يتيم يمس "الحجاب" كان كافيا لأن تهب جماهير الإعلام المأجور، ورعاع الإخوان المسلمين، وحرافيش مجلس الشعب، والكيان غير الدستوري المسمي بالكتلة النيابية للإخوان ـ جمعية الإخوان المسلمين جمعية محظور نشاطها ـ إلي جانب المغفلين والجهلة والسوقة وبهلوانات المد التأسلمي.

لم يجد أي من هؤلاء سبب آخر للتظاهر المكثف والتكاتف والإتحاد سوي الحجاب. لم ير هؤلاء تردي الخدمات الصحية والمشكلة الاقتصادية الطاحنة وموت العملية التعليمية وتخلف الخدمات الاساسية من مرافق وكهرباء ومواصلات وتقهقر البحث العلمي وغياب الثقافة الفاعلة ووفاة حقوق المواطنة وفساد القضاء وبطش الشرطة وعمليات التعذيب وتفشي الجهل والفقر والمرض.
كل هذا يهون في سبيل "الحجاب".
إذا سئل مواطن: ما الأهم لديك ، تصريح الوزير أم معاناتك اليومية للوصول إلي عملك وعدم وجود وسيلة مواصلات آدمية؟بماذا يجيب؟إذا أجاب أن تصريح الوزير أهم ، فهو مواطن مريض في مجتمع مريض لدولة مريضة تتداعي وتتحلل عضويا، ويستحق تماما ما يحدث له.

لذلك نري تصريحات بهلوان جماعة الإخوان المسلمين محمد حبيب: ان تصريحات وزير الثقافة فاروق حسني حول الحجاب تدعم ما سماه المشروع الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط.
إن المناخ العام في مصر سمح بهذا وأكثر ..غياب المشروع التقدمي والديموقراطية مع تعفن مؤسسة الحكم وتجريف الدين وإخصاء العقل، أدي إلي خلق حالة شديدة من الفصام لدي فئات عديدة من الشعب المصري.

تحالف غير مشروع

القضية توضح مدي مداهنة السلطة ومؤسساتها للتيار الديني، وجعل موضوع تافه مثل الحجاب دوجما قومية ودينية، وهذا يعكس تمازج القوي المنتظر بين مؤسسات الدولة والتيار الديني ليس فقط في الثقافة بل أيضا في الاقتصاد والبحث العلمي والعلاقات الخارجية وماشابه. فهل نحن في إنتظار إئتلاف وطني ـ إخوان ثمنا لمخططات المؤسسة الحاكمة؟وهل سيرحل حفاة الأعراب الوهابيين وفقهاء البداوة وجواسيس الشيعة وأنصار حزب الله المشبوهيين ومشايخ السلطة وبهلوانات الإعلام وحفريات السياسة عن مصر بلد الإسلام الهادىء والمسيحية السمحة والطيبة الممزوجة بتاريخ ثري وحضاري ؟أتمني هذا وإن بدا الامل خافتا ضعيفا.

الحجاب .. كلمة أخيرة

كل من يصنع من الحجاب واجهة للإسلام، فهو شخص جاهل ، يدعو للجهالة، ولا يعلم إلا القشور. ومن إختزل الاسلام
في زي ما ..فقد صنع إسلامه الخاص، وليس علينا إلا نبذه
..
..
الإيمان إختيار..
والحجاب إختيار..
والحرية إختيار.

Wednesday, November 22, 2006

.... حرب المشايخ











.
.

تشكل المساجلات والردود جزءا كبيرا من نتاج الفكر الاسلامي الحديث، والتي تتفاوت في قيمتها المعرفية، ومدي
.أصالتها الفكرية
.
الفكر الاسلامي الحديث، في مضمونه الثقافي، وتعبيره الايديولوجي والحضاري، رد فعل معلن و مضمر علي حضور الفكر الغربي في الحياة المعاصرة، في شتي المجالات، كمحاولة لإضعاف وتفتيت والقضاء علي عموم الفكر الغربي بدلا من خلق حوار بناء وتفاعل أصيل. هذه النشأة الملتبسة للفكر الاسلامي الحديث جعلته محبوسا في خانة رد الفعل وليس متحررا ليأتي من الفعل ذاته.

فالفكر الاسلامي الحديث فكر أيديولوجي محض، فليس هناك حركة كشف علمي يستند عليها بوصفها خلفية منهجية، ولا رواق فلسفي يحكم بناء نسقه النظري، كما أنه من حيث الرافد يلي عصورا من الاتحطاط، مرت بها الثقافة العربية ـ الإسلامية، فلم يكن قادرا علي التفاعل الأصيل والحيوي بأصول هذه الثقافة حال إزدهارها، وهو ما أدي إلي ضعف قدرته علي الإبداع والفعل الايجابي.

وأوضح مثال علي ضعف ووهن الفكر الاسلامي الحديث، ما حدث من لغط وصراع وإتهامات متبادلة بين د.عبدالصبور شاهين و " أصدقائه" القدامي من المشايخ والأزهريين وحماة السلطة الدينية و "مشايخ السلطان" ، حول كتاب "أبي آدم".

د.عبدالصبور شاهين أستاذ متخصص في فقه اللغة العربية، وواحد ممن ساهموا في تحريك قضايا الحسبة الشهيرة ضد د.نصر حامد أبوزيد التي رفعها الشيخ يوسف البدري ، وأحد نجوم الإعلام الديني، ومستشار سابق لشركات توظيف الاموال الشهيرة، وخطيب جامع كبير، وضيف دائم علي شاشات التليفزيون المصري والعربي


في مقدمة الكتاب ، يؤكد الدكتور عبد الصبور شاهين لقارئ كتاب أبي آدم أن الهدف الذي يسعي إليه هو انتزاع العقل المسلم من براثن الإسرائيليات، وأن كل ما أراده من كتابه أن يكون صخرة يدق بها رأس الأفعي الإسرائيلية اللابدة في الثقافة الإسلامية القديمة.ولست هنا بصدد التعليق علي الكتاب أو محتوياته .. ولكن الغرض هو إيضاح مدي تردي العقل العربي في التعامل مع "البحث العلمي" ، وإطلاق سلاح التكفير في وجه أي مفكر يحاول الإجتهاد، وإن كان واحدا منهم في يوم من الأيام.

بين عبدالصبور شاهين ومحمود سعد

أرسل لي صديق منذ بضعة أسابيع ملف فيديو يحتوي علي برنامج يقدمه " شىء" اسمه محمود سعد. "هو شخص يتمتع بثقل دم شديد، وسخافة أزلية، ورذالة كونية، ووضاعة عالمية إقليمية محلية .. إلي جانب عدم قدرته علي التحدث بلغة عربية سليمة وعدم معرفته بمخارج الالفاظ فيجعل القاف كاف كمذيعات الربط ، هذا بالإضافة الي جهل مطبق يضعه بجدارة في مرتبة الجحش الزرايبي.

هذا المذيع أخذ يناقش د.عبدالصبور بتعال شديد وعدم إحترام لعلم الرجل ـ أنا هنا أتحدث عن عبدالصبور العالم وليس الشخص، فأنا لا أحترم الرجل كشخص ولكن أحترم علمه ـ وأخذ في الطعن في محتويات الكتاب ووجهة نظر كاتبه دون علم مسبق، وأوجز فأعجز عندما قال: فيه كمان نظرية بتقول إن الانسان أصله قرد

حرب المشايخ

واجه د.عبدالصبور شاهين معارضة شديدة من قبل أقرانه المشايخ مثل الشيخ العابس يوسف البدري والذي بدا وكأنه علي وشك تفجير مبني التليفزيون، وقد أخذ يكيل اللكمات للدكتور عبدالصبور بقاذع الكلم واتهمه صراحة بنفي ماهو معلوم من الدين بالضرورة، والسير علي هوي الكاتب "اليساري" ـ هذا هو تصنيف نيافته ـ د.محمد شحرور.ثم أخذ مذيع البرنامج يقرأ ردود بعض المشايخ علي د.عبدالصبور مثل رد الشيخ عبدالمعطي بيومي والشيخ المطعني ـ لم يأت ذكر الشيخ سامي الشعراوي نظرا لإنشغاله الشديد بمنع كتب أخري حيث يراجع الشيخ مايربو علي 500 كتاب يوميا .. أعانه الله علي كتاب مصر ـ

ثم جاء رد العلم علي أطروحة عبدالصبور علي يد ملك العلم الوضعي د.زغلول النجار، وهو يفند ويحلل ويتهم صديقه القديم بعدم الفهم والجهل العلمي. طبعا قيل في الزغلول ما قال شفيق جلال في العرقسوس ولن نزيد.

المؤسف في الموضوع هو أن نفس الاسماء هاجمت من قبل نصر أبوزيد، وكان رأس الحربة آنذاك هو د.عبدالصبور، وهو من أصر علي نعت د.نصر "بالمدعو نصر" في سياق حديثه....وهكذا خرج السجال العلمي من دوائر البحث وقاعات الدرس إلي ساحات المحاكم وصفحات الجرائد وقنوات التليفزيون فضائية ومحلية.

بين عبدالصبور .. شحرور

هناك شبه تطابق بين كتاب د.عبدالصبور الواقع في 192 صفحة من القطع المتوسط، وبين أطروحة د.محمد شحرور
حول نشأة آدم ونشأة الإنسان في كتابه الضخم - الكتاب والقرآن - وهو كتاب رائع يستحق القراءة
" كتاب د.شحرور نشر قبل عشر سنوات من صدور كتاب د.عبدالصبور."
.
وهو تطابق لا يمكن إغفاله ولا يكفي توارد الخواطر لتفسيره. وقد أكد د.عبدالصبور أنه لم يسمع بالدكتور شحرور من قبل!! وبغض النظر عن التطابق، الاطروحة لها وجاهتها ويمكن مناقشتها بهدوء علي كل الوجوه بعيدا عن تعبيرات فرانكنشتين للشيخ البدري أو تهديدات هيئات الأزهر.

خلاصة القول

لابد من تخلص الفكر الاسلامي الحديث من الأدلجة ، فهو مثل الاتجاهات الفكرية الاخري، التي لا يمكن أن نعزل زمن تشكل ماهيتها المعرفية ومناهجها النظرية، عن وضعية التأخر التاريخي. فنهوض أفكارها وتطورها وحداثتها لم تكن نتيجة معاناة وحرب داخلية، بل كانت إستلهاما من معطي ثقافي خارجي، هو ثقافة الآخر وفكره.

Tuesday, November 21, 2006

صور نادرة .. تدمير الأسكندرية 1882
















































في الساعة السابعة من صباح يوم الحادي عشر من يوليو، دوت تفجيرات هائلة من جهة غرب مدينة الأسكندرية . وقد خلت الطرقات تماما من المارة بعد أن استولى الخوف على الأهالى و على البقية القليلة من الأجانب التى ظلت فى المدينة
.
كان من الواضح أن الأميرال سيمور قد شن هجومه أولا على غرب المدينة حيث توجد أقوى الاستحكامات العسكرية فى حصن مريوط و المكس و الفنار و رأس التين ، و فى كل من هذه الحصون توجد مدافع " آرمسترونج " و هى المدافع الوحيدة التى يمكن لنيرانها أن تصل إلى البوارج الانجليزية. أما سائر المدافع فكانت مدافع صغيرة و مدافع هاون لا يمكن
أن تؤثر فى دروع السفن الانجليزية
.

هكذا بدأ الهجوم علي الأسكندرية من قبل الإمبراطورية البريطانية، وقد أحدث هذا العدوان دمارا شديدا للمدينة لا يناسب مع حجم الصراع الدائر أو المكسب المرجو سواء كان سياسيا أم إقتصاديا.لقد كانت مجزرة وحشية لا موجب لها و لا مبرر و لم يكن الهدف منها إلا الشهوة الوحشية المتعطشة للدماء . وقد ثبت في كتب التاريخ أن الرماة المصريين تصدوا لنيران المدفعية بلا حواجز أو متاريس، في رأس التين وطوابي المكس وقايتباي والسلسلة
.
هذا المقال ليس الغرض منه مناقشة ماحدث، بل نشر صور نادرة توضح آثار التدمير التي
لحقت بالأسكندرية مدينة الجمال والسلام
.

وهي ليست صور من مجموعة هيوم المنشورة علي موقع جامعة كوينزلاند
.

الصور من مجموعة الصديق د. خالد أستاذ التاريخ الحديث بجامعة نيويورك.
.

يوجد أكثر من 122 صورة للحدث موزعة علي عدة أفراد من جامعي المقتنيات التاريخية، وأغلب الظن أنها للمصور
الفوتوغرافي فيريليو
.


وصلات لقراءة مستفيضة للموضوع
...............................................

ـIllustrated London NewsNo.2255.—Vol. LXXXI. Saturday, July 22, 1882
/1882/0722/alexandria.htm


ـBombardment of Alexandria 1882

ـ Hume Family Collection
صور هيو للحدث

Saturday, November 18, 2006

......... أن تكون هناك


ترتيل

"قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما عُلّمْتَ رشدا ، قال إنك لن تستطيع معي صبرا ، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا

مفتتح

شاهدت مرارا فيلم بيتر سيلرز "
أن تكون هناك" ، وكلما رأيته يمشي علي الماء في المشهد الأخير، أتذكر المسيح والحلاج وفريدالدين العطار والسهروردي، والعبد الصالح .. وحكاية جدي القديمة.

محاولة أولي

حكي الجد الكبير فقال: كانت هناك سفينة تحمل بعض المسلمين الأوائل لغرض التجارة والبشارة. وحدث أن جاءت عاصفة قوية جعلتهم يحيدون عن مسار الترحال ، وألقت بمركبهم علي ساحل جزيرة صغيرة نائية غير معلومة. وجد الرجال هناك رجل صالح يصلي وقبلته مسقط الشمس، ولا يتبع عدد الركعات المعروف لكل صلاة. بعدما فرغ رجل الجزيرة من صلاته، سألهم عن حالهم وقدم لهم الطعام والعون والنصيحة حتي يعاودوا سفرهم. رق الرجال المسلمون لحاله وسألوه: من علمك الصلاة؟
فأجابهم: رجل مسلم عابر منذ زمن.
فقالوا له: صلاتك غير جائزة .. فلابد وأن تكون قبلتك مكة وعدد الركعات كذا وكذا لكل صلاة.
فشكرهم الرجل ووعد أن يتبع ماعلموه.
هم الرجال بالرحيل وركبوا سفينتهم الي قبلتهم. بعد مسيرة يوم ودورة شمسية واحدة، شاهدوا علي البعد رجل الجزيرة يمشي نحوهم علي "الماء" وهو يشير بكلتا يديه أن يتوقفوا. لم يصدق الرجال ما رأت أعينهم، وجاء إليهم الرجل وكلمهم واقفا وقدماه تكاد تلمس سطح البحر
وقال: أستميحكم عذرا، أنا رجل هرم وقد نسيت بعضا من علمكم ..
كم ركعة لابد أن أؤديها لصلاة العصر؟
نظر الرجال الي بعضهم وقال أحدهم: أيها الرجل الصالح، صل كما تشاء.

نشوء الحيرة

إن
التحليل النفسي الفرويدي هو فن تفكيك رموز الحقيقة في كل القطاعات الغامضة للتجربة الانسانية كما يعيشها الانسان، أي كما 'يرويها' للآخرين أو لنفسه. وتبعه يونج بالقول بأن الإصرار الذي تعبِّر عنه الأحلام يشير إلى معنى غائيٍّ ما، وأن التحويل هو تبلور خاطئ للاوعي، وأن اللاوعي يميل ظاهريًّا نحو شخصية إنسانية (هي الطبيب في الحلم)، ولكنه في حقيقة الأمر يبحث عن الألوهة.
كما أعتبر يونج أن صورة الألوهة التي تمتلك وجودًا تاريخيًّا وانتشارًا عالميًّا عدَّلتْها النفسُ في عملها الطبيعي وأعادت تشكيلها. فالأمر يتعلَّق بنموذج بدئي أعادت طريقةُ تفكيرنا إحياءَه. إنها طريقة تفكيرنا القياسية analogical القديمة التي لا تزال حية في أحلامنا.
وسواء إتبعنا المنهج الفرويدي القائم علي "فك الشفرة" أو منهج النماذج البدئية ليونج ودلالة الرمز الاسطوري أو اللغة المنسية لإريك فروم .. يبقي الحلم في كينونته عبارة عن "أمنية" أو "فكرة قلقة" مغطاة بطبقات كثيفة من الضباب يجعلها صالحة للتأويل.

حلم إيرما
فرويد علي كنبة التحليل النفسي

عندما أراد فرويد تجربة مدرسته في تفسير الأحلام بدأ بنفسه وهو مايعرف في كلاسيكيات التحليل النفسي بحلم إيرما. ومن خلال تفسيره لم يتطرق فرويد إلي إرجاع أي جزء من حلمه إلي اللبيدو أو رغبة جنسية مكبوتة. مع أن أي محلل نفسي سوف يري وضوح اللغة الاولية واسقاطاتها الجنسية، ورغبته الشديدة في أن يكون ذو قدرة جنسية عالية وقلقه الشديد الناتج عن مثلث المرأة في حياته بين زوجته وشقيقتها وابنته آنا فرويد. هل كان فرويد يعاني حالة من حالات الإنكار؟ وهو صاحب العدمية والقول بإن الجنة والنار والدين والحياة الأخري ، هي عملية إنكار للموت.
لابد أن أذهب إلي فيينا .. وأسأله.

محاولة للكشف

سؤال أسأله لنفسي طوال الوقت: هل الإنسان كائن عصابي منذ الولادة؟
إن النفس الإنسانية تحتوي مناطق ومكوِّنات مظلمة. والقاسم المشترك هو اللا يقين ، إذ تتلاشى الشخصية وحدود الأنا في أغلب الحالات مابين خضوع لعناصر اللاوعي أو الإختباء مع وجود إرادة مصرة على السيطرة تتجاوز الثقة وتأكيد الذات.

رقائق فكرية

مابين حكاية الجد وحلم فرويد مساحة للتأويل وزمن للتداعي. هل دوافع الأنسان تقف علي عتبات اللاوعي غير مدركة مايتبعها، أم أن العقل الفاعل والإرادة الخاصة قادرة علي تجاوز العصاب والرؤية المحكومة بتهاويم اللاوعي. إن معرفتنا الحالية عن اللاوعي تبدي أنه ظاهرة طبيعية، وأنه حيادي مثل الطبيعة. إنه يحتوي كل مظاهر الطبيعة الإنسانية: النور والظل، الجمال والقبح، الخير والشر، العمق والسطحية. لذلك علينا أن نفتح آفاقا جديدة لفهم الرمزية الفردية والرمزية الجماعية ليس فقط من خلال النوازع الطفولية والصراع والقلق أو النماذج البدئية، بل من خلال طرح رؤية تكاملية للكون والانسان. ولا أدري لماذا أتذكر الآن أن البوذية كديانة تكاد أن تخلو ـ في أدبياتها ـ من أي تدخل سماوي آلهي .

الإيمان دوجما والخطيئة طريق للخلاص والصدفة ليست صدفة علي الإطلاق .. ولو خبر موسي ماخفي عنه ماكان العبد الصالح ليوجد. فنحن فرادي وواحد ومانعطيه لبعضنا البعض وما نمرره للآخرين هو زاد الحياة، وكل مرحلة تؤدي لآخري، وكل دورة تفضي لثانية وهكذا.

ربما ، يكون الإنسان سماويا نقيا طاهرا
ربما......

"يمكن قراءة المقال من النهاية إلي البداية .. قد يكون هذا أكثر منطقية ".

Monday, November 13, 2006

الطريق إلي المدرسة ..

إهداء: إلي الصديق علاء صاحب مدونة خريف البطريرك .. وإيماتيور صاحب مدونة بلاسيبوس
...... وكل من يتذكر مدرسة العباسية الثانوية العسكرية بنين بالأسكندرية


"لو أعرف للفراق موطنا، لسعيت إليه .. وفرقته."

............ بعد سبع وثلاثين دورة من دورات الأفلاك


ريحانة من السفر الأول

كان فعل اليقظة لديه يشبه إنهيارا تاما. فهو كائن ليلي منذ تعلم آدم الأسماء كلها. وكثيرا ما تفوق بجدارة علي ألد أعدائه: ضوء الصباح الذي يخترق الزجاج المعشق الملون لشباك غرفته ، وصوت العصافير التي عششت في ثنايا جدران "المنور" الخلفي للبيت القديم والمغطي تماما بنباتات لبلابية شديدة الخضرة والعنف. لذلك أقسم أنه يوما ما ، سوف يصنع غذاءا شهيا من بيض العصافير الأرقط المتناهي في الصغر ... ـ عشرون بيضة تفي بالغرض ـ
ومن المستحيل أن يكون إفطارا ، فهو يكره وجبة الأفطار إكراما لماركس

"يا بني إصحي علشان تروح المدرسة"

ملتقي خاطف

بعيون نصف مغلقة تبدأ رحلته الطقسية بين الحمام والمطبخ لتحضير النسكافيه ماركة نستله ـ حيث أن ماركة مصر كافييه محرم إستخدامها دوليا وشرعيا ـ وهو مادعا أخيه الأصغر للتشنيع عليه بأنه حالة وسواس قهري كلاسيكية. صوت الراديو القديم في حجرة المعيشة يتسلل من بعيد إلي أذنيه ـ علي إستحياء ـ
- فونتا ستيكا فون فون تا ستيكا .. برنامج صنع الفابريكة
كان يعلم تماما صوت إجلال زكي .. ويفضله
- ثم صوت شادية ..
الشمس طلعت من بعيد
جايه ومعاها يوم جديد
يجعل نهارنا نهار سعيد

لم يعلم لماذا هذا الأصرار علي أن يكون الصباح منعشا والنهار سعيدا .. ودائما ما كان يتذكر المشهد الكوميدي من الفيلم القديم حينما يخرج "حسن فايق" وهو يدعو الله: يارب إجعل صباحنا لبن حليب...وبعد دقيقة يصطدم ببائع الزبادي ويغرق في بضاعته، ثم ينظر إلي السماء ويقول: أنا قلت لك لبن حليب مش لبن زبادي

"في صباح كهذا .. ماذا ستفعل ؟"

وصل في فصل

يفتح باب البيت الكبير علي إتساع الميدان الفائق الإستدارة لدرجة الكمال، تتوسطه نافورة جافة لاتعمل أبدا، ومن خلفها يبدو سور النادي كسد أبيض يفصل بين الرصيف العريض ومساحة خضراء ممتدة، وعلي يمين واجهة البيت ، شجرتان تتهامسان فيما بينهما عن أسرار كثيرة لم يعرف عنها أي شىء.فكر كثيرا أن يسمي الميدان الهاديء بإسمه .. بشرط هدم السقوف للفيلات القديمة المجاورة، لتخفيف العبء علي الجدران


وصل في وصل

يترك وراءه الميدان النائم والخالي من الدكاكين إلا محل الزهور "فيوليت"وصاحبه القبطي ذو الوجه الهادىء والذي يستمع الي تراتيل الآحاد طوال الأسبوع.
- صباح الخير ياعم لطف الله
- صباح الخير يا دكتور
- ياعم لطف الله أنا في أولي ثانوي
- بس والله شكلك دكتور .. صباح الورد
- صباح زهرة الأوركيد السوداء .. صباحك فل.
يعبر الطريق الاسفلتي الواسع شديد السواد وخطوطه البيضاء البارزة ، كوجه أفريقي خرج لتوه من طقس ديني. أشجار الصبار اليابسة تحف الطريق علي الجانبين، وشمس الثامنة صباحا .. بعيدة، والمئذنة عالية ومطمئنة


".. والله، من الممكن أن يصبح هذا الصباح جميلا"

لن أحاول إكتشاف طرق جانبية، وسأبدأ الصعود من نقطة البداية، القنصلية الصينية كتنين رابض يحمل فوق رأسه طبق الساتلايت الدائري الهائل. لن أحرم نفسي من المشي في ثقة.. الشمس ضاحكة كفستان أنثي، وثمة موسيقي تتردد في أذني بعدما سمعت صوت الشيخ البهتيمي صاحب الأسرار وهو يقرأ سورة الكهف قبل أن أغادر المنزل.أخترق الشارع الممتد علي إتساع النظر، وأري فيلا لورانس داريل تقرأ في صمت رباعيات الاسكندرية، وتصنع أشجارها الكثيفة كورس ذو طابع يوناني تراجيدي

تجلي البنت في أخر السطر

لم أكن أضمد الصباح بالبنت صاحبة الشعر البني المسترسل والعيون الخضراء، والمطلة من الشرفة الملونة .. وهي تصافح عيني وترسل قبلة مختلسة قبل أن تلحق باص المدرسة. كانت تعلم أنني أخبأ الحكايا الملونة في جيوبي بينما أرد التحية علي الإنتظار. غالبا ـ بعد سنوات كثيرة ـ سأتذكر أنني خدشت أبيض الحمام ، بدكنة تخصني



وصل في وصل في وصل

الشارع، خليط طازج من هرمونات الأنوثة والذكورة. أعبر بائع الصحف والمجلات ذو الوجه الصامت وهو يومىء برأسه دلالة علي عثوره علي ما طلبت من كتب، تاركا كل الهواء محايدا بين صمته وعبوري. علي الجانب الآخر، أري دكان الآيس كريم الشهير، والذي أطلقت عليه لافوازييه الجيلاتي وملك الكيمياء العيارية نظرا لخلطته السحرية وطبقة "الكريمة" الفردوسية التي تغطي بحور المانجو وسماء الفانيليا. سوف يكون خلاصي وجائزتي في طريق العودة علي عناء يوم دراسي ممل .. الآيس كريم هو صلاتي اليومية.
علي اليمين يرقد المبني شديد البياض للمستشفي القبطي العتيق، وفي الطريق راهبات يرتدين الأسود والأبيض كصراع الخير والشر. ألقي عليهم تحية الصباح بالفرنسية وأتلقي إبتسامة ودودة، وحمرة خجل وردية .. ولا مكان للشيطان في رأسي ... أعتقد


الوصول .. ولوثة الحنين

البوابة الكبيرة، وخلفها غدير السمك الملون، بواب المدرسة بلكنته النوبية، عربات المدرسين، حجرة الموسيقي الصالحة دوما للهروب الجماعي، مصدر الضوء الخفي ، اللحظة المواتية ، اسم اليوم المفقود ، الزمن القصي ، وشجر الكافور العتيق ورائحته العسلية
......... ....... ....... ............
....... ....... ............
....... ....... ......

عودة

أعبر البوابة الإلكترونية بعدما أمرر كارت البيانات الممغنط، وأنا أحاول إسكات "الملاح الفضائي" ـ ساتيلايت نيفيجاتور ـ وهو يصرخ بصوت معدني مزعج: إتجه يمينا .. إتجه يمينا.
يصمت تماما بضغطة من إصبعي وأنا أشيعه بشتيمة أمريكية مفضلة لدي
Shut the F*** up.

يستقبلني وجه فريناند رجل الأمن بإبتسامة ناصعة البياض علي وجه بلون الكاكاو ولكنة موسيقية
-Good morning doctor
-Hope you've a wonderful morning, sir

أرد تحيته بإبتسامة خافتة، وأتمتم بعبارات غير مفهومة له

يارب .. إجعل صباحنا لبن حليب.

Friday, November 10, 2006

الملامح النفسية لرجل الشرطة في مصر







إن الشيء الذي يهيمن على روح الجماهير ليس الحاجة إلى الحرية وإنما إلى
العبودية. وذلك أن ظمأها للطاعة يجعلها تخضع غرائزياً لمن يعلن بأنه زعيما.
-جوستاف لوبون

مما لا شك فيه أن لكل إنسان خصائص وصفات تميزه عن غيره في أسلوب تفكيره وتصرفه وإحساسه وإدراكه وردود فعله. وهذه الخصائص والصفات تشكل في مجملها جوهر شخصية الفرد. التي يمكن تعريفها بأنها تلك التشكيلة الفريدة من الانفعالات والأفكار و التصرفات، وهي التي تتيح للإنسان في الحالة السوية النمو والنشاط والتلاؤم مع الحياة، ولكنها قد تنحرف لدى البعض فتصبح جامدة ومتحجرة مكونة أنماطاً مضطربة من الشخصية.

ونموذج رجل الشرطة أو ممثل النظام الأمني في مصر نموذج جدير بالدراسة والبحث، خاصة في ضوء إنتشار الممارسات القمعية .. اللاإنسانية .. بشكل سافر يحمل كثيرا من سمات مرضية في تشكل الأنا لدي هؤلاء ، والنمو الأخلاقي ـ أو بمعني أدق اللاأخلاقي ـ وتكون الضمير المضطرب لحفنة من الدهماء فرضتها سلطة تقتات علي سيكولوجية القمع.

:هوية الأنا الأيديولوجية لدي رجل الشرط
الأنا بالتعريف البسيط هي كيفية الارتباط بالعالم من حولنا
Ego is how we relate to the world.
هوية الأنا هي ""حالة نفسية داخلية تتضمن إحساس الفرد بالفردية والوحدة والتألف
الداخلية والتماثل والاستمرارية ،ممثلا في إحساس الفرد بارتباط ماضيه وحاضره ومستقبله، و أخيرا ممثلا في الارتباط بالمثل الاجتماعية والشعور بالتماسك الاجتماعي الناتج عن هذا الارتباط".
أما هوية الأنا الأيديولوجية فهي ترتبط بخيارات الفرد الأيديولوجية في عدد من المجالات الحيوية المرتبطة بحياته وتشتمل على أربعة مجالات فرعية هي هوية الأنا الدينية والسياسية والمهنية وأسلوب الحياة.

وبتحليل هوية الأنا لدي رجل الشرطة بمصر نجد أنه يعاني من حالتين من تشوش واضطراب الهوية
1- انغلاق هوية الأنا -
يرتبط انغلاق هوية الأنا بغياب الأزمة متمثلة في تجنب الفرد لأي محاولة ذاتية للكشف عن معتقدات وأهداف وأدوار اجتماعية ذات معنى أو قيمة في الحياة مكتفيا بالالتزام والرضا بما يحدد له من قبل قوى خارجية كالأسرة والسلطة والرئيس المباشر.
وتتسم شخصية رجل الشرطة في هذه الحالة بالطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر حرفيا، بل والأمعان في إرضاء السلطة بتحويل القمع إلي قهر.
"مثال: حالات الإنتهاك الجسدي والتعذيب والقهر النفسي والتآمر والتهديد وتلفيق التهم والإعتداء اللفظي التي تمتلىء بها ملفات حقوق الإنسان وقضايا التعذيب بمصر
""مثال فني: شخصية أحمد زكي ظابط الشرطة في فيلم زوجة رجل مهم ، وشخصية محمود عبدالعزيز كمدير المعتقل في فيلم البرىء".

2- تشتت (تفكك) هوية الأنا
يرتبط تشتت هوية الأنا بغياب أزمة الهوية متمثلا في عدم إحساس الفرد بالحاجة إلى تكوين فلسفة أو أهداف أو أدوار محددة في الحياة من جانب، وغياب الالتزام بما شاءت الصدف أن يمارس من أدوار من جانب آخر. ويحدث ذلك كنتيجة لتلافي الفرد في هذا النمط للبحث والاختبار كوسيلة للاختيار المناسب. لذلك نجد رجل الشرطة بمصر لا يحمل فلسفة فردية من أي نوع، ويستعيض عن هذا بالدوران الفارغ حول مفهوم الأمن وتأمين السلطة، حيث أن هذه السلطة هي من تعطيه صلاحيات وجوده، وتمده بما يحتاج من غطاء أيديولوجي للتستر علي جرائمه اليومية.

وهكذا يصبح وجود الأمن في صورته القهرية والسلطة في صيرورتها القمعية طرفي معادلة لايستقيم إحداها دون الآخر
كما أن اكتساب او تشكل السلوك الاخلاقي يشمل اكتساب او تعلم القواعد والمعايير والتي توخذ بالشكل الموجودة فيه في البيئة اساسا وذلك من خلال عمليات التعلم والتي تدعم او تؤازر في البداية اساسا من قوى خارجية . حيث يتم تعلم القواعد من خلال ملاحظتها ومن خلال عمليات التعزيز والعقاب .الا ان عملية التعلم التام لا تتمالا بحدوث عملية الاستدخال لهذه الانماط السلوكية كجزء من الشخصية.

وما يتم - علي ما أعتقد - كنسق تعليمي داخل كليات الشرطة هو عملية فرز أولي لإختيار الشخصية القابلة للتشكل وإحلال معيار أخلاقي سلطوي قهري محل آخر. لهذا تحرص وزارة الداخلية علي إختيار الفاشلين من خريجي الثانوية العامة خاصة من الطبقات الدنيا والمتوسطة والبيروقراط والذين لديهم إستعداد لتقبل القهر وممارسته في ذات الوقت. وتعمل النظم الدراسية ـ إن وجد شىء بهذا الاسم في كليات الشرطة ـ علي وقف نمو قدرة الفرد على التمثيل المعرفي للاحداث، وتشويش قدرته على تقييم سلوكه ، وخلق منظومة أخلاقية خاصة بالجماعة كنسق معرفي موجه ضد الجمهور/الشعب/الفرد/المواطن.

لهذا نادرا مانجد أي أعراض ناتجة عن ندم رجل الشرطة علي ممارسة أفعال وحشية لا آدمية تجاه أبناء وطنه، ببساطة لأن الشرطي تم تغيير سلوكه الأخلاقي بسلوك سيكوباتي، وتم وضع رجل الأمن في مكان محصن ضد إختراق أي أفكار عن الضمير والأخلاق وإحاطته بسياج سميك من ضلالات وبارانويا سلطوية وهو الفاشل دراسيا وإجتماعيا وسلوكيا ونفسيا.
لذلك فالسلطة هي ملجأه وملاذه وسبب وجوده.
----------------------------------------------------------
مصطلحات
--------
تشكل هویة الأنا
Ego-Identity Formation
هوية الأنا الأيديولوجية
Ideological Ego-Identity
انغلاق هوية الأنا
Ego-Identity Foreclosure
تشتت هوية الأنا
Ego-Identity Diffusion
في نمو التفكیر الأخلاقي
Moral Reasoning Development
الضبط الداخلي للسلوك
Internalized control of behavior
على التمثيل المعرفي للاحداث
Cognitive Representation

Wednesday, November 08, 2006

.. مفهوم الإبداع



إهداء: إلي الصديق العزيز شريف نجيب صاحب مدونة "هدوء نسبي"
"
Genius is 1% Inspiration 99% Perspiration.
-Thomas Edison

ما الإبداع؟‏

يصدر الإبداع –كما يقول روجرز – عن ميل في الإنسان ليحقق ذاته ويستغل أقصى إمكاناته. وعندما يتفتح ذهن الإنسان أمام خبراته كافة يصبح سلوكه سلوكاً إبداعياً، ويصبح بناءً. هل نستطيع وصف الإبداع وصفاً مقنعاً مهما امتلكنا من القدرات المعرفية؟

الإبداع أمر يعزّ وصفه.. ففي لحظات ما يشعر المرء خلالها أن الفعل الإبداعي صار طوع بنانه وقد هبطت على ذهنه أو شعّ ذهنه بشرارة أو قبس منه.. وفجأة يخبو كل شيء.. وفي أحيان يبدو له أن اقتناص الإبداع سهل وفي المتناول، لكن هذه السهولة لا تلبث أن تصبح أثراً بعد عين فتتبدد على نحو يعصى على الفهم.‏

يفترض في المبدع أن يمتلك نوعاً من التفكير المنطلق المتشعب، وبناء على هذه الفرضية فإن العديد من الدراسات ينفي الارتباط العالي بين الإبداع والذكاء كما يمكن أن يظن كثير من الناس الذين يخلطون بين هاتين القدرتين المعرفيتين.‏

لهذا فإن نتائج إختبارات الذكاء لا تعطي إجابات مفيدة في هذا الشأن. لأن المبدع عامة قلما يلتزم في إجاباته ببنود الإختبار.. فإجاباته تجنح نحو الجدّة والابتكار وتبتعد عن المنوالية التي تفترضها مقاييس الذكاء.. فالإبداع ليس مشروطاً بنسبة الذكاء العالية.
ليس شرطاً أن تكون نسبة ذكائك مرتفعة كي تكون ثاقب الحدس. إذ أن الحدس يعتمد على الإحساس والمجاز أكثر من اعتماده على قدرة الاستدلال والقدرة على الفهم اللفظي وهما مما تعتمده بشكل رئيسي مقاييس الذكاء

ـ التمايز والإبداع:‏

تعكس الأفعال الإبداعية التجربة الإنسانية في صورة شديدة التركيز تحمل عناصر الغرابة والمفاجأة والاختلاف والتمايز في أسلوب التفكير وتداعي الأفكار وارتباطها ببعضها. وهو ما يتحدى ذهن المتلقي ليذهب إلى التعرف على معناها.‏

وكون العملية الإبداعية تنزع إلى تجاوز المألوف وتتصف بقدرة تخطي الذات والتحرر من النظرة الجامدة، لذا تسعى إلى التفتح على عالم متنوع وخصيب بالرؤى والأشكال.‏

المبدع في بحثه عن الجديد إنما يعبر عن حالة إنسانية تتمثل في نزوع الإنسان نحو التمايز والفرادة. وصفة التمايز هذه تعد خاصة أساسية من خواص أي نظام سواء كان نظاماً نفسياً أو بيولوجياً أو اجتماعياً.‏

ويمتاز الكائن البشري، بصورة عامة، بقدرته على تنمية عملية التمايز النفسي المعرفي منذ بدء حياته. ويختلف الأشخاص في أساليب سلوكهم وخصائصهم النفسية، تبعاً لدرجة أو مستوى نمو عملية التمايز المعرفي عند كل منهم.‏

العصاب والإبداع:‏

انكسار الأحلام، وإحباطها، والقمع، تفرضه المواصفات الاجتماعية على المبدعين، الذين كثيراً ما يتصرفون كالأطفال. فالطفل يظل حياً في المبدع وفي أعماق شعوره. ولأن المبدع كذلك، ولأنه في الأعم الأغلب يتميز بحساسية مفرطة، تتجاوز أوسط الأمور، نتيجة طبيعية حيث الجهد والمثابرة من خصائص الإبداع، فالمبدع الذي يواصل اتجاهه ويعمل ذهنه ويركز تفكيره يكون في كثير من لحظات حياته متوتراً وأي عارض أو طارئ يصادفه قد يواجهه بشيء من التبرم لأنه يعيش على حدود دقيقة، ويحتاج إلى التأمل والتركيز كي يكون إدراكه للتغيرات ونواحي الضعف فيما حوله هدفاً لنشاطه، من هذا الإحساس غير العادي بالأشياء والناس، يكون مستعداً للانطلاق نحو سد الثغرات، وحل الغموض، وفك ألغاز الوجود بتكوينات أدبية أو فنية أو غير ذلك من مجالات الإبداع وميادينه. وهذه الحساسية بالمستوى الذي تكونه عند ولادة العمل الإبداعي يصنفها بعض علماء النفس ارتفاعاً بالوعي. وفي هذا التوقيت يكون ذهن المبدع منفتحاً على بيئته ويقوم من خلال مجهوده الإبداعي بدافع من ذلك إلى فهمها وإعادة تشكيلها في الوقت الذي يراقب الأشياء تلفته بعضها حيث لا تستثير انتباه غيره... فيكوّن من الألوان وملمس الأشياء واستجابات الآخرين، وبعض الفقرات في الصحف اليومية أو بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية تشكيلات أو تكوينات أو نصوصاً تتصف بالجدّة والابتكار اللذين لا يبلغهما غيره.‏

وفرط الحساسية عند المبدع، قد يؤدي به إلى الاضطراب النفسي، الذي يظهر انفعالاً حاداً يؤذي صاحبه، ويؤدي إلى سلوك ليس مما هو سائد في بعض الأحيان، قد يؤدي بصاحبه إلى مواقف حرجة، أو إلى نوع من السلوك الانطوائي، وإذا كان مثل هذا السلوك لا يعطل قدرته على التفكير، ولا يقطع صلته بالبيئة يكون المرء قد تعرض للعصاب. الذي قد يؤدي به إلى مواقف حرجة وإلى سلوك انطوائي.‏

وتتنوع أعراض العصاب بتنوع البيئات وتختلف من شخص إلى آخر. ولتحديد السلوك العصابي يمكن الاتكاء على عتبته الدنيا التي تتصل بعتبة الغضب العليا. والعصابي يوصف بأنه شخص سيء التكيف. ولا يكون السلوك العصابي حالة دائمة أو مستمرة في سلوك الشخص وتصرفاته... وإنما يظهر بين فينة وأخرى في استجابات وردود أفعال لكنه يتحكم بصاحبه حيث تصبح الصفة الغالبة على سلوكه الانسحاب إلى عالم خاص به.‏
وينشا العصاب من صراع بين الرغبة ومحاولة تحقيقها. وكلما ازدادت الرغبة اتقاداً زاد احتمال أن يؤدي إحباطها إلى العصاب النفسي، وقد ييسر هذا بدوره تحقيق الرغبة أو يؤدي دور الحافز للتطهير العقلي الذي ينتج عن عمل خلاق وعظيم، ويبدو أن هذا هو أساس العلاقة بين العصاب النفسي والإبداع، وباختصار يمثل العصاب انفعالاً مكبوتاً ويعبر العمل الخلاق العظيم عن انفعال متحقق.

سمات المبدع:‏

يركّز الدارسون في محاولاتهم لتحديد شخصية المبدع على عدد من السمات النفسية، لكنهم في تركيزهم هذا لا يقيمون حدوداً فاصلة بين سمة وأخرى، فهذه السمات مترابطة مع بعضها وغير متمايزة، على أنه ليس شرطاً ليكون الشخص مبدعاً أن يحوز عليها جميعها.‏

إلا أنه كلَّما زاد نصيبه منها كان أكثر إبداعاً وتميزاً. وتتمثل هذه السمات في النزوع القوي إلى الجماليات الشخصية، ولب التحدي غالباً ما يكون في التعامل مع متاهة الغوامض في سبيل صياغة هوية جديدة أو كيان جديد، هذا ما يمكن أن نعدّه سمة أولى من سمات المبدع.‏
أما السمة الثانية فتتمثل في القدرة العالية على اكتشاف المشكلات.‏

ومن جهة ثالثة فالحراك العقلي سمة من سمات المبدع يتمثل بالميل القوي إلى التفكير بمنطق المتضادات والمتناقضات عندما يفكر المبدع بالبحث عن مركب جديد للأفكار.‏

والسمة الرابعة تكون في الاستعداد للمخاطر وفي البحث الدؤوب عن الإثارة، ويرتبط بهذه السمة ما يسمى بتقبّل الفشل، وكلما ازداد إنتاج المبدع ازدادت لديه الفرص لإبداع شيء جديد.‏

السمة الخامسة تكون في إشادة المبدع في عمله عالماً خاصاً، لا حقيقة فيه ويشارك في النشاط لذاته وليس من أجل التقدير.‏

ويبقى السؤال قائماً هل استطعنا بما ذكر أعلاه أن نصف المبدع وصفاً على درجة عالية من الدقة وأحطنا بسمات شخصيته إحاطة وافية؟‏

إن عملية الإبداع من أكثر العمليات المعرفية والنفسية تعقيداً، وليس من اليسير أن يصل البحث فيها إلى تعريف محدد جامع مانع..!
‏ وسيظل الإبداع ذا طبيعة خلافية مفتوحاً كعملية للدراسة والبحث. فهو من حيث المكانة يمثل أعمق وأوسع وأعقد نوع من أنواع التفكير البشري
----------------------------------------------------
Links:
........
1-The Origin and Evolution of Culture and Creativity
2-What are Innovation, creativity, and Design?
data/excerpt/85/04708470/0470847085.pdf
3-The Origins of Creativity
Karl-H Pfenninger/dp/0198507151
4-Creativity, Genetics and Mental Illness
5-Classics in the History of Psychology
6-Musical Talent and Visual-Spatial Ability: Onset of Puberty

Friday, October 27, 2006

حادثة التحرش الجنسي .. وسلوك الجماعة




"الوصول إلى الأحكام الصحيحة في الأمور المثيرة للجدل يعتمد إلى حد كبير ..
على الاتجاه الذهني للفرد الذي يصغي إلى هذا الجدل أو يشارك فيه."


ماهي الدوافع التي تؤدي بمجموعة من الناس لأفعال شديدة العنف والهمجية ؟
ولماذا يتسم رد الفعل دائما بالضجيج الإعلامي علي المستوي الرسمي أو الشعبي أو حتي الفردي ؟
لماذا نستمر في إنكارالتأثير القوي والواضح لمفهوم "الجماعة" وماتعتنقه من أفكار أو أيديولوجيا تبرر الأعمال الوحشية أو المتطرفة ؟

قد يكون سبب التجاهل هو الشعور ببعض التعاطف تجاه بعض المعتقدات التي ترتبط بالثقافة ، الوضع الطبقي ، الديانة، أو الأصل العرقي الذي ننتمي له.. وهكذا نفضل تحليل الوضع بعد الحدث وآثاره، وهي مسافة الوعي الزمنية التي تضعنا خارج المعادلة القطبية.
وهكذا نضع "مجموعة ما" خارج نطاق الوطن ، الشعب ، الطبقة ، الديانة أو الأصل العرقي ... هؤلاء الأوغاد ليسوا جزءا من "نحن" النقية الصالحة علي الدوام.

الميل ، والسلوك ، والقيمة.
.................................
من المعروف أن جميع الظواهر النفسية والإجتماعية تخضع في أساسها لمحددات السلوك الانساني الذي يواجهه ويسيطر عليه تركيب خاص يسمي الميل أو الإتجاه النفسي. كما أن القيم تؤثر بشكل واضح وفعال علي هذا السلوك.

فما هو تعريف القيمة ؟
هي الديناميكية التي تدفع الفرد لسلوك معين في موقف معين .. أي أنها التنظيم الخاص للخبرة الناتجة عن تسلط بعض الافكار خلال قنوات الاتصال خاصة عند الفئات التي لاتملك خلفية ثقافية كافية للحماية.

حادثة التحرش الجنسي .. نموذج.
.........................................

ترتبط القيمة ارتباطاً وثيقاً بسلوك الفرد طالما هي التي تكمن وراءه ... وإذا إتخذنا حادثة التحرش الجنسي ببعض الفتيات بقلب القاهرة نموذج، ـ إن حدث هذا أساسا بالشكل الذي تمت روايته.. وهو ما أشك فيه ـ
نجد أن هذه "الجماعة" لم يصدر عنها هذا السلوك إلا بقوة التنظيم الخاص بخبرة هؤلاء ..
فماهي هذه الخبرة التي خلقت تلك القيمة ؟

الخبرة هي الكم الهائل من خطاب العنف الانتحاري القادم من الخطاب المتأسلم ونجومه المأفونة، والخطاب النخبوي المنفصل عن واقع هؤلاء، والخطاب الرسمي النافي لوجودهم أصلا .أما القيمة فهي "إزدراء النساء" .. "فتنة النساء" .. ووضع المرأة في المجتمع المصري ككم مهمل، وعبء ثقيل ، كنتيجة لتكريس جميع أدوات الخطاب الإنتحاري عبر قنوات سمعية وبصرية لخلق حالة من العدوان علي المرأة.

الخطاب الإنتحاري بأشكاله المختلفة ، وتكريس ثقافة العنف ، وخلق فكرة العدو وحالة العداء المستمرة .. مع عدم وجود نافذة أو طاقة للسعادات البسيطة .... كلها أسباب أدت إلي حادثة التحرش الجنسي.


لقد أدي تعميق القيمة التي تدعو إلي أن المرأة متاع الرجل ، بئر الفتنة ، منبع الغريزة ، وشيطان الرغبة .. في وعي تلك "الجماعة" إلي وضعها في موقف يتطلب تبرير أنماط من التفاعل والسلوك لتأكيدها وإثبات صحتها.

لقد أصبحت "جماعة الصعاليك" في حالة من التهيؤ والتأهب العقلي العصبي كافية للقيام بعمل "جمعي" لتأكيد هذه القيمة السالبة علي أرض الواقع وعلي مشهد من الجميع.

سلوك هذه "الجماعة" سلوك فاشي نتج عن ثقافة فاشية أنتجتها نخبة فاشية في مجتمع يخطو نحو الفاشية يحكمه مؤسسة حكم فاشية.
إن العمل الهمجي الذي قامت به هذه "الجماعة" هو مجرد محاولة للتأقلم مع البيئة التخيلية التي رسمتها كل قنوات الخطاب الانتحاري ودعوته المستمرة للعنف تجاه الآخر وتجاه أنفسهم.


من هم هذه الجماعة ؟

هم من أطلقت عليهم النخبوية الثقافية .. المهمشين
وأطلقت عليهم النخبوية المتأسلمة .. المفسدين
وأطلقت عليهم مؤسسة الحكم .. الرعاع
هم من يعانون من صراع حاد بين مظاهر التدين الظاهري في المجتمع والكبت النفسي والاحتقار الطبقي. ماحدث هو حالة من التفريغ النفسي لغضب مكبوت ، دون حل حقيقي.


أما الحلول التي تدعو إلي قتلهم وصلبهم ، هي في حقيقة الامر أفكار فاشية تؤسس لنفس الخطاب الانتحاري وتدعم ثقافة العنف بدلا من قراءة هادئة للحدث.

سؤال: هل هناك من يستطيع أن يحدد من هم هذه "الجماعة" ؟
من حيث السن والطبقة والوظيفة والوضع الاجتماعي ... ألخ.

لقد بح صوت د/أسامة القفاش في الحديث عن الخطاب الانتحاري وأصوله وعواقبه ...

فهل من مستمع ؟

ملحوظة: التحرش الجنسي بالمرأة جزء من السلوك العام منذ فترة طويلة .. قد يكون غمزا ، أو لفظيا ، أو تحوريا علي المستوي المرئي من خلال حركات أو إيماءات مختلفة. ما حدث هو مجرد تأكيد لعدوان موجود أساسا في ثنايا النسيج الاجتماعي.

Wednesday, October 25, 2006

... أن تكون سعيدا




إن كل ما حققته أو فشلت في تحقيقه ، ماهو إلا نتيجة مباشرة لأفكارك الخاصة بك."
- طبيب نفسي -


إن جنس الإنسان هو جنس مفكر وقائم علي عملية التفكير. كما أن عقولنا تعمل بشكل مستمر ، في محاولة لفهم ما نراه وما يمر علينا في كل لحظة من لحظات عمرنا الزمني علي هذه الأرض.
وبالرغم من وضوح هذه النقطة في حياتنا، تظل أكثرها إنغلاقا علي التفسير في مجمل التركيبة النفسية للإنسان. لكن يظل فهم طبيعه الفكر هو الأساس لنحيا حياة سليمة من حيث التوظيف وسعيدة في ذات الوقت من حيث الممارسة.

بداية، التفكير هو قدرة .. ووظيفة من وظائف الوعي الانساني. لا أحد يعرف بالضبط من أين يأتي الفكر ،بل يمكن القول ان الفكر يأتي من نفس المكان ، ربما يأتي من نفس النفحة التي تجعل قلوبنا تنبض وتذكرنا دائما أننا أحياء. وبما أن الفكر والتفكير وظيفة حياتية كما هو الحال مع سائر الوظائف البشريه ، لذلك فهو يتميز بإلاستمرارية سواء رضينا أم أبينا. وعلي ذلك يصبح التفكير عنصر مجرد من عناصر وجودنا .
كل شعور سلبي أوايجابي هو نتيجة مباشرة للتفكير. ومن المستحيل أن تشعر بالغيرة أو الغضب مثلا دون وجود "أفكار" تؤدي إلي الغيرة أو الغضب. أو أن تشعر بالحزن أوالإكتئاب دون وجود أفكار تبعث علي الحزن أو الإكتئاب.

قد يبدو هذا بديهيا ، ولكن إذا إستطعنا فهمه بطريقة أفضل وأعمق قد يكون هذا هو باب السعادة لنا وللعالم من حولنا.

في الأغلب الأعم، معظم المرضي الذين تعاملت معهم علي مدار ممارستي للطب النفسي تبدأ الجلسة معهم كالتالي:
المريض: أنا أشعر أنني شديد الإكتئاب اليوم.
طبيب نفسي: هل لاحظت وجود أفكار إكتئابية أو تدعو للإكتئاب مؤخرا ؟
المريض: لا يوجد لدي أي أفكار سلبية أو إكتئابية .. إنني أشعر فقط بالإكتئاب.

استغرق الامر بعض الوقت قبل ان أعي أن المشكلة هي قنوات الأتصال بيني وبين المريض.

لقد تعلمنا جميعا منذ الطفولة أن التفكير يستدعي الجلوس بمفردك مع بذل كثير من الجهد والوقت وكأننا نبحث عن حل لمعضلة رياضية. ووفقا لهذه الفكره فإن الشخص الذي قد يشعر بكثير من التوجس والقلق من سيطرة فكرة واحدة غاضبة لمدة نصف يوم، قد يشعر أيضا أنه من الطبيعي جدا أن يكون لديه عشرين فكرة لمدة ثلاثين ثانية في المرة الواحدة.

إن التفكير في شيء ما" يمكن ان يتم خلال بضعة ايام او خلال مرور ثانية .. ولكننا نميل إلي إستبعاد لحظية التفكير علي أنها ليست ذات قيمة، هذا إذا كنا نسلم بها على الاطلاق.... الامر ليس كذلك.

المشاعر هي نتيجة .. ورد فعل مباشر للإفكار ، بغض النظر عن الوقت الذي تم فيه حدوث الفكرة.
علي سبيل المثال لو أنك فكرت ولو بشكل عابر أن أخيك يستحوذ قدر من الإهتمام أكثر منك .. وأنك لا تحبه، هذه الفكرة وشعورك بالإستياء تجاه أخيك ليست مجرد مصادفة.

مثال آخر

الفكرة: رئيسي في العمل لا يقدرني ، أنا لم أنال التقدير الذي أستحقه.
الشعور: شعورك بالكره لعملك ووظيفتك.

هذا الشعور حدث بمجرد ورود الخاطرة أو الفكرة .. والفارق الزمني بينهما فارق لحظي من الصعب تحديده، لذا فنحن دائما مانخلط بين الشعور والافكار المسببة لها.

إن التأثير السلبي للأفكار دائما ما يأتي عندما ننسي أن التفكير وظيفة من وظائف الوعي، وقدرة نتملكها كبشر عاقل. نحن الذين ننتج أفكارنا وأطر تفكيرنا. الافكار ليست أشياء تحدث لنا، لكنها أشياء نفعلها ووننتجها في دائرة الوعي.
الافكار ليست خارجة عن الذات، فهي تأتي من دواخلنا.... ما نفكر فيه يحدد بدقة ما نراه بالرغم من أنه يبدو عكس ذلك.

تذكرون حادثة زيدان لاعب فرنسا في نهائي كأس العالم السابق. قد تمر أعوام كثيرة علي هذه الحادثة ، وبعد السنوات الكثيرة قد يركز زيدان علي هذه اللحظة وهذا الخطأ بالرغم من تاريخه الرياضي الحافل بالبطولات. وقد يسأله بعض أصدقائه: لماذا أنت مكتئب بعد مرور زمن طويل فيجيب بأنه قد قام بخطأ فادح .. وأي شعور نتوقعه منه غير الأسف والإكتئاب. هنا قد لايري زيدان أنه المنتج لأفكاره، وأن هذه الافكار هي سبب تعاسته.
حتي وإن وجهنا نظره لهذه النقطة فسوف يجيب بكل صدق: بالطبع لا .. سبب تعاستي هو أنني اخطأت وليس لأنني أفكر في هذا الخطأ بإستمرار.

نستطيع إحلال وإبدال مثال زيدان بمواقف مختلفة مثل: علاقة قديمة ، حب جديد ، أزمة مالية ، نقد لذواتنا، كلمات جارحة تلفظنا بها عن عمد ، حقيقة الامر بأن آبائنا لم يصلوا إلي حد الكمال الأنساني ، إختيار خاطىء لشريك الحياة ، أو المهنة.... إلخ.
كل هذه الأمثلة تتطابق في جزئية واحدة: أن الشعور المصاحب لها ناتج عن تفكيرنا وليست الظروف المحيطة بالحدث.

يجب علينا ألا ننسي أننا من لحظة لآخري نتحكم في طريقة تفكيرنا، وأننا من نقوم بعملية التفكير... وألا نقع في أحبولة أن الظروف المحيطة هي السبب فيما نشعر وتجربتنا في الحياة.

Saturday, October 21, 2006

رد علي مقال "الصهيونية على "الشازلونج" النفسي




حاولت مرارا وتكرارا الابتعاد عن نقد الخلط والخرف الفكري تحت مسميات علمية لكثير من المقالات المنشورة بموقع إسلام أون لاين.


وحينما طالعت "صدفة" مقال "الصهيونية على "الشازلونج" النفسي!" لكاتبه د.محمد المهدي ولقبه العلمي المسطر بآخر الصفحة هو إستشاري الطب النفسي .. رأيت من الواجب تفنيد مزاعم هذا الطبيب من الناحية المنهجية، وكشف الكم الهائل من الجهل والإدعاء الكامن تحت عناوين براقة وألقاب لامعة.

بداية، لست أتعرض هنا لموضوع المقال، بل للمنهج المستخدم والجهل المطبق بأوليات التحليل النفسي
Psychoanalysis

يبدأ المهدي مقاله بجملة شديدة الإلتباس والتعميم ليجمع بين اليهودية والصهيونية في إناء واحد. ويظل يتأرجح بين الشخصية اليهودية والشخصية الصهيونية - حسب تعبيره - في سرد وصفي وكأنهم نفس الشىء.ثم ينبري هذا الطبيب المهدي ويحدد تشخيصه قبل عرض الحالة، مدعيا بإستخدام "التحليل العلمي النفسي ". ولم يحدد الشيخ الطبيب منهجه في التحليل النفسي، وهل هو فرويدي أم يونجي .. وأغلب الظن أنه يتبع المنهج الحفلقي في التدليس والتهييس.

وهاهو يدعي الموضوعية والالتزام فيقول" وحاولنا رؤية الصهيونية من جانب آخر أكثر موضوعية والتزامًا، هو الجانب العلمي، فإننا نستطيع أن نرصد الملحوظات التالية: حين يعتبر اليهود أنفسهم شعب الله المختار ......... الطبيب يحاول رؤية الصهيونية ويبدأ منهجه " التحليلي" بالحديث عن اليهود جملة. لن نتعرض لتشخيصه بأننا أمام "مرضية "بارانويا" سوي بتوجيه نظره إلي معلومة أولية وهي أن مرض البارانويا كأحد أمراض الشخصية
Personality Disorders
يرتبط بشكل كبير بفقدان الهوية والتوحد مع الضحية
Identity Loss & Victim Identification
والتوحد ثلاث أنواع: توحد مع المفقود الميت، أو توحد مع البطل، أو توحد مع الضحية
وهو غالبا مايصاحب بنوع التعبير عن الغضب بدلا من الضحية.

أما عن الهوية، فمن المعروف أن العرق اليهودي يحمل هويته أينما ذهب كتابوت العهد علي كتفيه، وأما عن الضحية .. فأي الانواع تقصد؟ ولماذا؟

وهكذا ظهر ضلال المهدي من خلال علم واضح بالأقوال الإبتدائية التي كنا نحفظها من كتاب المطالعة الرشيدة، ليكسب بها ثقة من لا يفقهون القول فيتبعون أسوأه... ويغازل ممولي هذا الموقع ضاربا بعرض الحائط أصول الكتابة العلمية وأدبيات التحليل النفسي .
وربما فعل هذا لشىء في نفسه، أو شىء في جيبه.

ومما يسترعي العجب تلخيصه للعلامات المرضية بدون تحديد لمن تنتمي هذه العلامات. هل تنتمي الي اليهودي أم الصهيوني أم كليهما؟
كذلك علاجه الناجع الفاجع بالكي أو البتر .. لمن؟ لليهودي أم الصهيوني؟ فالفرق كبير بين ديانة توحيدية وأتباعها وبين حركة عنصرية عفنة كالصهيونية.

وكما كان فرويد مقتنعا بأن الإنسان لا يسير مدفوعًا بالليبيدو وحده ، بل وبجملة أخرى مجهولة من الدوافع اصطلح على تسميتها بـ"غريزة الموت". وهو القائل بأن الوظيفة الأساسية لغريزة الموت، هي تدمير الفرد وإعادته إلى حالة الجمود وانعدام الحياة. وقد رأى فرويد في العدوان الصريح المظهرَ الخارجي لهذه الغريزة.

كذلك أيقنت من خلال هذا المقال بأن كاتبه يعاني من شيئيين:
1- غريزة الموت
2- مفهوم المريض في دفع كونتير-ترانسفيرينس
patient-induced countertransference
وهي الحالة التي يتلبسها الطبيب المعالج لا شعوريا ليحل محل الشخص المسبب
لمشكلة المريض النفسي.

أيها الطبيب المهدي بدلا من تمييع المنهج والإستخفاف بعقول القراء .. عليك أن تدعو إلي ممارسات التربية الهادفة إلى تعزيز الكوابح ضد العدوان لبعث الكثيرَ من الأمل في التخفيف من غلواء العنف.

هناك مئات الأبحاث التي تسبر أغوار الشخصية اليهودية، وتفضح إدعاءات الفكر الصهيوني الملتبس، ولكنها تقوم علي منهج علمي ملتزم، وجهد شاق، وعمل دؤوب، وليس الإدعاء بالمعرفة ، والإفتخار بالألقاب السنية، والتحدث بما ليس لك به علم .

الاطلاع والتحصيل هو زادك الذي تحتاجه لإكتساب الكياسة وفقدان التياسة

ونظرة ياشيخ مهدي .. ولكن في الكتب

Friday, October 20, 2006

New integration and consensus in American psychoanalysis





There is much disagreement concerning the status and future of psychoanalysis in the United States at this time. I believe, however, that many who argue that psychoanalysis is irrelevant or outmoded are misguided. Most of these negative voices arise from outside psychoanalysis. There are real questions about whether psychoanalysis can survive in the current cultural and economic climate without sacrificing or corrupting its basic or essential core. Within American psychoanalysis, however, there is an emerging generation who are reenergizing and expanding that essential core. They are engaged in new discoveries and a simultaneous rediscovery of their psychoanalytic roots. A new psychoanalytic synthesis is the result - an integration and possible consensus that appears to be rising in the aftermath of the psychoanalytic paradigm wars of the seventies and eighties.
There is much excitement within psychoanalysis in the United States today. Everyone seems to be talking to everyone else more freely and with greater comprehension and mutual edification than was the case only a short time ago. The dialogue and reflection that lies at the heart of the psychoanalytic enterprise and value system seems, almost miraculously, gradually to be asserting itself within psychoanalysis - where only misunderstanding and attacks among competing factions formerly existed. I greet these developments with pleasure and relief. It is wonderful to participate in this emerging synthesis and consensus, which provides compatible new conceptual language to help me systematize what had formerly been an uneasy and sometimes difficult to articulate, intuitive personal synthesis.
The buzzwords of this emerging generation are intersubjectivity and interaction. It is hard to separate completely or define these two terms in relation to each other, as they are actually differing vantage points on the same thing - the fact that there are two persons who are affecting each other involved in the field that is analyzed while doing psychoanalysis. Thus, we now speak of a two-person rather than one-person psychology. I think of intersubjectivity as stressing a psychic field constructed from two psychic realities or internal worlds in interplay with each other, including the unconscious fantasy life and empathic or containing capacities of both participants. Each becomes part of the psychic reality of the other. Thus when I think of intersubjectivity I imagine what each participant is for the other.
The overlapping vantage point of interaction stresses a live relationship between two real persons doing things together that are meaningful. Thus when I think of interaction, I imagine what each participant does for, to, or with the other. The difference between these two vantage points may be quite meaningless in the average clinical situation. For example, it might not matter whether one conceives that one participant has become ("is") an attacking internal object in the psychic reality of the other or conceives that one person in the room is actually attacking ("does to") the other and possibly disavowing that this is the case. These allegedly different ways of conceptualizing experience that is alive and has impact for both parties seem imprecise at times because of our imprecise way of conceptualizing action in psychoanalysis. Those who claim to follow Freud in sharply distinguishing actions from words or thoughts do not do justice to the complexity of the subject, a complexity, by the way, of which Freud was fully aware. In any event, interaction stresses what is happening between two persons and is "outside". Intersubjectivity stresses what is happening in the two minds of the participants and is usually thought of as "inside". All contemporary schools, however, seem to use and enjoy the current term for meaningful activity between analyst and analysand, which is "enactment". Many generative discussions about theoretical and clinical similarities and differences among and within the various schools are focused around this increasingly useful and unifying theoretical concept.
Taken all together, many of the most invigorating ideological trends of recent years seem to have coalesced into an entity in this country that is now called "relational". As with many invigorating new ideas in any field, these theorists define themselves and their new ground in relation to what is older and more traditional. In this country, this meant that advocates of the so-called relational schools have tended to define their psychoanalysis in comparison and contrast to that of the old order, which was called mainstream or "classical" psychoanalysis. Many of the values and techniques embodied by these relational schools have always been congenial to me. My so-called classical affinities became visible to me only gradually. I was trained in an institute whose identity was forged in breaking away from Freudian and ego-psychological orthodoxy in the forties. I trained in the late sixties, and object-relational, self-psychological, and developmental models were prominent and influential in my training. Kernberg, Kohut, and Winnicott were the most powerful figures for me when I was forging my psychoanalytic identity.
Later, Hans Loewald and Roy Schafer were major mentors and models. Although they broke with the ego-psychological traditions in which they were trained, their struggles with traditional theory led me to value those traditions on my own. Observations of their clinical work made me want to emulate the values and techniques embodied in that work. Both men, of course, were prominent and influential participants in the challenges to the old metapsychology of the sixties and seventies, out of which the relational movement emerged. But despite their compatibility (on my reading) with the relationalists and relational values, I still found at the center of their value system the "classic" emphasis on interpretation, insight, and understanding - on knowledge and knowing. You will recall I spoke earlier of my impression that the central vantage point of intersubjective approaches concerns what one is, while interactional approaches concern what one does. For me, the "traditional" vantage point supplies a third absolute essential to the analytic process, the vantage point of what one knows. I will say more about this essential triumvirate of being, doing, and knowing and how all three structure my personal analytic synthesis in a moment. I cannot retrace these influences in any detail here, but Loewald and Schafer’s models helped me see that there were ways of thinking about how the mind became structuralized that were structural in a contemporary sense, without the old constraints imposed by models that were mechanical, energic, or materialistic, or which lent themselves to reification.
In large measure because of the influence of such thinkers, I came to think of the mind as innately motivated to develop, to become more highly organized, to differentiate and integrate. Ultimately I was able to retain the useful ego-psychological concept of psychic structure or of "structuralization" as a metaphor for the evolving, maturing individual mind in development and in treatment. Of course, most contemporary psychoanalysts now take for granted that the symbolic function and the representational world are what is structured in structuralization, not instinctual energies or "ego-superego relations", conceived as abstract, reified, or isolated entities. What is structured is personal experience and personal meanings. We also now intuitively regard the capacity to synthetize and integrate increasingly more finely discriminated aspects of internal and external reality as the obverse of neurotic distortion. Differentiation and integration is what takes place when neurotic constraints are removed and development resumed - perspective perhaps, but not simple "objectivity". A more integrated, structuralized mind searches out and more easily assimilates new and more highly refined experience, promotes further creative mastery and growth. In development and in treatment, this process is fatefully immersed and shaped in an intersubjective and interpersonal field. Relational theory has provided unprecedented new theoretical tools to consider the crucial parts played by the analyst’s subjectivity and full participation in a rich two-person relationship, but the participants have different tasks, constraints, and responsibilities. Traditional theory retains many advantages for thinking about these crucial differences, and for not losing focus on the patient and the patient’s mental life as the essential object of psychoanalysis.
The emerging synthesis which blends relational and traditional perspectives allows a modern psychoanalyst to utilize the three perspectives - intersubjective, interactional, and traditional - and to take advantage of the increasingly obvious fact that no single viewpoint argues against the validity of the others. Each has clinical advantages and disadvantages, each foregrounds certain phenomena and lets other fall through its theoretical cracks. Each appeals to persons with particular styles or values, and each has typical blind spots and countertransferences. Most analysts today have learned from and use all of these traditions. I believe that the mythic classical analyst, with his or her fierce and forbidding authority, distance, and cocksure Freudian formulas is and should be a fast fading breed. As I said, each so-called "school" has its typical strengths and countertransferences.
For example, Kleinians and Sullivanians are bold and fearless in using themselves and mixing it up with difficult characters, but sometimes reckless and aggressive interpretively. They sometimes therefore mistake their own countertransference fantasies for revealed truth about the patient. Self psychologists and others who stress empathy or containment functions are the most compassionate, nonjudgemental, and self-scrutinizing, but may sometimes be naive about aggression. They may also sometimes therefore be cautious or timid about drawing necessary limits or forcing patients to face their own responsibilities for their fates. Ego psychologists - classic American "Freudian" - walk a well reasoned middle path, are the most scrupulous to avoid wild analysis and love cures, and are the keepers of the curative power of insight. They may also therefore sometimes be overly cerebral, emotionally constrained, and intellectually arrogant. I think that these traditions represent three polarities that all therapists must know about.
One way to think of them, respectively, are as paths of action, feeling, and insight, or, as I said earlier, traditions of doing, being, and knowing. Any one in isolation from the other two will be shallow, and usually when one is truly or deeply present, so are the others. Fearless interpersonal engagement, compassionate regard for authenticity and the patient’s own being, and a passion for reflection and capacity for nonintrusiveness and constraint should exist in the value system of every psychoanalyst. Additionally, every psychoanalyst must learn the strenghts and limits of his or her own personality and preferred theory.
Many contemporary psychoanalysts, however, seem, like myself, to be increasingly comfortable blending these traditions and enjoying discussing clinical work across former theoretical divides. Speaking personally again, I trace important aspects of my everyday clinical technique to different theoretical influences. Certain of my techniques and points of view I associate with object relations theory, especially that associated with Kernberg, Melanie Klein and the modern Kleinians. Examples include direct and vivid personal engagement, a willingness to use myself and mix it up, when necessary, with a patient, and rigorous, routine attention to the transference-countertransference interface and the use of my own thoughts and feelings about enactments in the psychoanalytic situation as a mean to construct and reconstruct the patient’s intrapsychic representational life, and to do the associated self-analytic work. In other areas, Kohut and Winnicott were my foremost teachers. For example, emotional immersion in and careful empathic attentiveness to the patient’s own experience and the necessary validation of all understanding by that experience are also part of my standard technique, as well a nonpatronizing attitude to self-states and narcissistic transferences, which I routinely observe over a wide range of diagnoses and degrees of psychopathology.
As late as Greenson’s work in the sixties, American psychoanalysts were taught a traditional conceptualization of "preparatory" interventions, the "clarifications" and "confrontations" that were said to lay the groundwork for the real analytic work of interpretation. These understandings have yielded to a more detailed consideration of such activities. For example, rather than paternalistically clarifying, we now usually think of ourselves as engaged in the important, ongoing, never ending analytic work of "containing" and "empathizing" - painstakingly searching out, constructing, and coconstructing the patient’s own psychic reality. Additionally, where we once "authoritatively" confronted our patient’s denials or narcissism, we now pay close, constant, never ending attention to those places (enactments) where the analyst’s psychic reality bumps up against the patient’s - places, in other words, where the truth can only be hammered out in the encounter between them. Additionally, the imponderable and unteachable ingredients of classical technique - tact and timing - also seem to gather new depth when considered from the point of view of empathic immersion and searching (tact) and the inescapable fact that in alive and engaged analytic work, the analyst must often act before he or she knows (timing). It is good to have new theories that support our experience that some of the hardest and most important analytic skills to learn are those we do besides interpretation. Additionally, since we spend so much of our time doing these other things, it is both useful and a relief to have a way to think about them that allows conceptual support for the idea that we are doing analysis when we use them, not some lesser activity that we do until we can do the "real thing" - genetic reconstruction and "deep" analytic interpretation.
There are boundary issues, where controversies continue. Neutrality, abstinence, and anonymity are deplored, while self-disclosure is increasingly justified. Space does not permit detail, but I believe the relationalists have not yet fully dealt with the fact that being there and being real should not be conflated theoretically with countertransference confession or other vicarious conscious or unconscious potential emotional exploitations of the patient. It is easy to underestimate and therefore devalue our patients’ capacities to experience and reflect when we stay appropriately out of their way. Put another way, it is easy, in the name of being "real", to place burdens or intrude unfairly upon a patient with the analyst’s own needs, feelings, values,
or agendas. The analyst has to act, and it is a foolish fiction to imagine he or she can fully control the impact on the patient, or fully know what is expressed before it occurs, or that it is possible to remain completely out of the psychological action, safe, sanitized and unrevealed. But, despite our renewed license to feel and act human with our patients, it is useful to be reminded that traditional theory allows us to conceptualize appropriate constraints in regard to what an analyst ideally should think and feel in most analytic moments. Such constraints are especially important regarding what an analyst might say or do with their patients. These constraints are not only grounded in a tradition of frustration of libidinal wishes and misguided objectivity, but also in our deepest efforts to midwife nothing but the patient’s own truth and place ourselves entirely at the patient’s psychic disposal.
But these are mere wrinkles for future discussion. I celebrate the new atmosphere of inclusion and dialogue, where Kleinians can talk
to Lacanians, ego psychologists to relationalists, Loewaldians to Winnicottians, and interpersonalists to those who espouse defense analysis, and - miracle of miracles - seem most of the time to be talking about the same thing and understanding each other. It begins to feel to me like a revolution may have been accomplished. If we are indeed on secure on new ground, how exciting and what a relief. Whether psychoanalysis can survive in the current cultural, political, and economic climate is another matter. We have a healthy new baby, however. Let us hope it will continue to flourish.


--------------------------------
Gerald I. Fogel, M.D.
gli argonauti, 1997, n.73.