.. مفهوم الإبداع
"
Genius is 1% Inspiration 99% Perspiration.
-Thomas Edison
ما الإبداع؟
يصدر الإبداع –كما يقول روجرز – عن ميل في الإنسان ليحقق ذاته ويستغل أقصى إمكاناته. وعندما يتفتح ذهن الإنسان أمام خبراته كافة يصبح سلوكه سلوكاً إبداعياً، ويصبح بناءً. هل نستطيع وصف الإبداع وصفاً مقنعاً مهما امتلكنا من القدرات المعرفية؟
الإبداع أمر يعزّ وصفه.. ففي لحظات ما يشعر المرء خلالها أن الفعل الإبداعي صار طوع بنانه وقد هبطت على ذهنه أو شعّ ذهنه بشرارة أو قبس منه.. وفجأة يخبو كل شيء.. وفي أحيان يبدو له أن اقتناص الإبداع سهل وفي المتناول، لكن هذه السهولة لا تلبث أن تصبح أثراً بعد عين فتتبدد على نحو يعصى على الفهم.
يفترض في المبدع أن يمتلك نوعاً من التفكير المنطلق المتشعب، وبناء على هذه الفرضية فإن العديد من الدراسات ينفي الارتباط العالي بين الإبداع والذكاء كما يمكن أن يظن كثير من الناس الذين يخلطون بين هاتين القدرتين المعرفيتين.
لهذا فإن نتائج إختبارات الذكاء لا تعطي إجابات مفيدة في هذا الشأن. لأن المبدع عامة قلما يلتزم في إجاباته ببنود الإختبار.. فإجاباته تجنح نحو الجدّة والابتكار وتبتعد عن المنوالية التي تفترضها مقاييس الذكاء.. فالإبداع ليس مشروطاً بنسبة الذكاء العالية.
ليس شرطاً أن تكون نسبة ذكائك مرتفعة كي تكون ثاقب الحدس. إذ أن الحدس يعتمد على الإحساس والمجاز أكثر من اعتماده على قدرة الاستدلال والقدرة على الفهم اللفظي وهما مما تعتمده بشكل رئيسي مقاييس الذكاء
ـ التمايز والإبداع:
تعكس الأفعال الإبداعية التجربة الإنسانية في صورة شديدة التركيز تحمل عناصر الغرابة والمفاجأة والاختلاف والتمايز في أسلوب التفكير وتداعي الأفكار وارتباطها ببعضها. وهو ما يتحدى ذهن المتلقي ليذهب إلى التعرف على معناها.
وكون العملية الإبداعية تنزع إلى تجاوز المألوف وتتصف بقدرة تخطي الذات والتحرر من النظرة الجامدة، لذا تسعى إلى التفتح على عالم متنوع وخصيب بالرؤى والأشكال.
المبدع في بحثه عن الجديد إنما يعبر عن حالة إنسانية تتمثل في نزوع الإنسان نحو التمايز والفرادة. وصفة التمايز هذه تعد خاصة أساسية من خواص أي نظام سواء كان نظاماً نفسياً أو بيولوجياً أو اجتماعياً.
ويمتاز الكائن البشري، بصورة عامة، بقدرته على تنمية عملية التمايز النفسي المعرفي منذ بدء حياته. ويختلف الأشخاص في أساليب سلوكهم وخصائصهم النفسية، تبعاً لدرجة أو مستوى نمو عملية التمايز المعرفي عند كل منهم.
العصاب والإبداع:
انكسار الأحلام، وإحباطها، والقمع، تفرضه المواصفات الاجتماعية على المبدعين، الذين كثيراً ما يتصرفون كالأطفال. فالطفل يظل حياً في المبدع وفي أعماق شعوره. ولأن المبدع كذلك، ولأنه في الأعم الأغلب يتميز بحساسية مفرطة، تتجاوز أوسط الأمور، نتيجة طبيعية حيث الجهد والمثابرة من خصائص الإبداع، فالمبدع الذي يواصل اتجاهه ويعمل ذهنه ويركز تفكيره يكون في كثير من لحظات حياته متوتراً وأي عارض أو طارئ يصادفه قد يواجهه بشيء من التبرم لأنه يعيش على حدود دقيقة، ويحتاج إلى التأمل والتركيز كي يكون إدراكه للتغيرات ونواحي الضعف فيما حوله هدفاً لنشاطه، من هذا الإحساس غير العادي بالأشياء والناس، يكون مستعداً للانطلاق نحو سد الثغرات، وحل الغموض، وفك ألغاز الوجود بتكوينات أدبية أو فنية أو غير ذلك من مجالات الإبداع وميادينه. وهذه الحساسية بالمستوى الذي تكونه عند ولادة العمل الإبداعي يصنفها بعض علماء النفس ارتفاعاً بالوعي. وفي هذا التوقيت يكون ذهن المبدع منفتحاً على بيئته ويقوم من خلال مجهوده الإبداعي بدافع من ذلك إلى فهمها وإعادة تشكيلها في الوقت الذي يراقب الأشياء تلفته بعضها حيث لا تستثير انتباه غيره... فيكوّن من الألوان وملمس الأشياء واستجابات الآخرين، وبعض الفقرات في الصحف اليومية أو بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية تشكيلات أو تكوينات أو نصوصاً تتصف بالجدّة والابتكار اللذين لا يبلغهما غيره.
وفرط الحساسية عند المبدع، قد يؤدي به إلى الاضطراب النفسي، الذي يظهر انفعالاً حاداً يؤذي صاحبه، ويؤدي إلى سلوك ليس مما هو سائد في بعض الأحيان، قد يؤدي بصاحبه إلى مواقف حرجة، أو إلى نوع من السلوك الانطوائي، وإذا كان مثل هذا السلوك لا يعطل قدرته على التفكير، ولا يقطع صلته بالبيئة يكون المرء قد تعرض للعصاب. الذي قد يؤدي به إلى مواقف حرجة وإلى سلوك انطوائي.
وتتنوع أعراض العصاب بتنوع البيئات وتختلف من شخص إلى آخر. ولتحديد السلوك العصابي يمكن الاتكاء على عتبته الدنيا التي تتصل بعتبة الغضب العليا. والعصابي يوصف بأنه شخص سيء التكيف. ولا يكون السلوك العصابي حالة دائمة أو مستمرة في سلوك الشخص وتصرفاته... وإنما يظهر بين فينة وأخرى في استجابات وردود أفعال لكنه يتحكم بصاحبه حيث تصبح الصفة الغالبة على سلوكه الانسحاب إلى عالم خاص به.
وينشا العصاب من صراع بين الرغبة ومحاولة تحقيقها. وكلما ازدادت الرغبة اتقاداً زاد احتمال أن يؤدي إحباطها إلى العصاب النفسي، وقد ييسر هذا بدوره تحقيق الرغبة أو يؤدي دور الحافز للتطهير العقلي الذي ينتج عن عمل خلاق وعظيم، ويبدو أن هذا هو أساس العلاقة بين العصاب النفسي والإبداع، وباختصار يمثل العصاب انفعالاً مكبوتاً ويعبر العمل الخلاق العظيم عن انفعال متحقق.
سمات المبدع:
يركّز الدارسون في محاولاتهم لتحديد شخصية المبدع على عدد من السمات النفسية، لكنهم في تركيزهم هذا لا يقيمون حدوداً فاصلة بين سمة وأخرى، فهذه السمات مترابطة مع بعضها وغير متمايزة، على أنه ليس شرطاً ليكون الشخص مبدعاً أن يحوز عليها جميعها.
إلا أنه كلَّما زاد نصيبه منها كان أكثر إبداعاً وتميزاً. وتتمثل هذه السمات في النزوع القوي إلى الجماليات الشخصية، ولب التحدي غالباً ما يكون في التعامل مع متاهة الغوامض في سبيل صياغة هوية جديدة أو كيان جديد، هذا ما يمكن أن نعدّه سمة أولى من سمات المبدع.
أما السمة الثانية فتتمثل في القدرة العالية على اكتشاف المشكلات.
ومن جهة ثالثة فالحراك العقلي سمة من سمات المبدع يتمثل بالميل القوي إلى التفكير بمنطق المتضادات والمتناقضات عندما يفكر المبدع بالبحث عن مركب جديد للأفكار.
والسمة الرابعة تكون في الاستعداد للمخاطر وفي البحث الدؤوب عن الإثارة، ويرتبط بهذه السمة ما يسمى بتقبّل الفشل، وكلما ازداد إنتاج المبدع ازدادت لديه الفرص لإبداع شيء جديد.
السمة الخامسة تكون في إشادة المبدع في عمله عالماً خاصاً، لا حقيقة فيه ويشارك في النشاط لذاته وليس من أجل التقدير.
ويبقى السؤال قائماً هل استطعنا بما ذكر أعلاه أن نصف المبدع وصفاً على درجة عالية من الدقة وأحطنا بسمات شخصيته إحاطة وافية؟
إن عملية الإبداع من أكثر العمليات المعرفية والنفسية تعقيداً، وليس من اليسير أن يصل البحث فيها إلى تعريف محدد جامع مانع..!
وسيظل الإبداع ذا طبيعة خلافية مفتوحاً كعملية للدراسة والبحث. فهو من حيث المكانة يمثل أعمق وأوسع وأعقد نوع من أنواع التفكير البشري
----------------------------------------------------
Links:
........
1-The Origin and Evolution of Culture and Creativity
2-What are Innovation, creativity, and Design?
data/excerpt/85/04708470/0470847085.pdf
3-The Origins of Creativity
Karl-H Pfenninger/dp/0198507151
4-Creativity, Genetics and Mental Illness
5-Classics in the History of Psychology
6-Musical Talent and Visual-Spatial Ability: Onset of Puberty