Friday, November 10, 2006

الملامح النفسية لرجل الشرطة في مصر







إن الشيء الذي يهيمن على روح الجماهير ليس الحاجة إلى الحرية وإنما إلى
العبودية. وذلك أن ظمأها للطاعة يجعلها تخضع غرائزياً لمن يعلن بأنه زعيما.
-جوستاف لوبون

مما لا شك فيه أن لكل إنسان خصائص وصفات تميزه عن غيره في أسلوب تفكيره وتصرفه وإحساسه وإدراكه وردود فعله. وهذه الخصائص والصفات تشكل في مجملها جوهر شخصية الفرد. التي يمكن تعريفها بأنها تلك التشكيلة الفريدة من الانفعالات والأفكار و التصرفات، وهي التي تتيح للإنسان في الحالة السوية النمو والنشاط والتلاؤم مع الحياة، ولكنها قد تنحرف لدى البعض فتصبح جامدة ومتحجرة مكونة أنماطاً مضطربة من الشخصية.

ونموذج رجل الشرطة أو ممثل النظام الأمني في مصر نموذج جدير بالدراسة والبحث، خاصة في ضوء إنتشار الممارسات القمعية .. اللاإنسانية .. بشكل سافر يحمل كثيرا من سمات مرضية في تشكل الأنا لدي هؤلاء ، والنمو الأخلاقي ـ أو بمعني أدق اللاأخلاقي ـ وتكون الضمير المضطرب لحفنة من الدهماء فرضتها سلطة تقتات علي سيكولوجية القمع.

:هوية الأنا الأيديولوجية لدي رجل الشرط
الأنا بالتعريف البسيط هي كيفية الارتباط بالعالم من حولنا
Ego is how we relate to the world.
هوية الأنا هي ""حالة نفسية داخلية تتضمن إحساس الفرد بالفردية والوحدة والتألف
الداخلية والتماثل والاستمرارية ،ممثلا في إحساس الفرد بارتباط ماضيه وحاضره ومستقبله، و أخيرا ممثلا في الارتباط بالمثل الاجتماعية والشعور بالتماسك الاجتماعي الناتج عن هذا الارتباط".
أما هوية الأنا الأيديولوجية فهي ترتبط بخيارات الفرد الأيديولوجية في عدد من المجالات الحيوية المرتبطة بحياته وتشتمل على أربعة مجالات فرعية هي هوية الأنا الدينية والسياسية والمهنية وأسلوب الحياة.

وبتحليل هوية الأنا لدي رجل الشرطة بمصر نجد أنه يعاني من حالتين من تشوش واضطراب الهوية
1- انغلاق هوية الأنا -
يرتبط انغلاق هوية الأنا بغياب الأزمة متمثلة في تجنب الفرد لأي محاولة ذاتية للكشف عن معتقدات وأهداف وأدوار اجتماعية ذات معنى أو قيمة في الحياة مكتفيا بالالتزام والرضا بما يحدد له من قبل قوى خارجية كالأسرة والسلطة والرئيس المباشر.
وتتسم شخصية رجل الشرطة في هذه الحالة بالطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر حرفيا، بل والأمعان في إرضاء السلطة بتحويل القمع إلي قهر.
"مثال: حالات الإنتهاك الجسدي والتعذيب والقهر النفسي والتآمر والتهديد وتلفيق التهم والإعتداء اللفظي التي تمتلىء بها ملفات حقوق الإنسان وقضايا التعذيب بمصر
""مثال فني: شخصية أحمد زكي ظابط الشرطة في فيلم زوجة رجل مهم ، وشخصية محمود عبدالعزيز كمدير المعتقل في فيلم البرىء".

2- تشتت (تفكك) هوية الأنا
يرتبط تشتت هوية الأنا بغياب أزمة الهوية متمثلا في عدم إحساس الفرد بالحاجة إلى تكوين فلسفة أو أهداف أو أدوار محددة في الحياة من جانب، وغياب الالتزام بما شاءت الصدف أن يمارس من أدوار من جانب آخر. ويحدث ذلك كنتيجة لتلافي الفرد في هذا النمط للبحث والاختبار كوسيلة للاختيار المناسب. لذلك نجد رجل الشرطة بمصر لا يحمل فلسفة فردية من أي نوع، ويستعيض عن هذا بالدوران الفارغ حول مفهوم الأمن وتأمين السلطة، حيث أن هذه السلطة هي من تعطيه صلاحيات وجوده، وتمده بما يحتاج من غطاء أيديولوجي للتستر علي جرائمه اليومية.

وهكذا يصبح وجود الأمن في صورته القهرية والسلطة في صيرورتها القمعية طرفي معادلة لايستقيم إحداها دون الآخر
كما أن اكتساب او تشكل السلوك الاخلاقي يشمل اكتساب او تعلم القواعد والمعايير والتي توخذ بالشكل الموجودة فيه في البيئة اساسا وذلك من خلال عمليات التعلم والتي تدعم او تؤازر في البداية اساسا من قوى خارجية . حيث يتم تعلم القواعد من خلال ملاحظتها ومن خلال عمليات التعزيز والعقاب .الا ان عملية التعلم التام لا تتمالا بحدوث عملية الاستدخال لهذه الانماط السلوكية كجزء من الشخصية.

وما يتم - علي ما أعتقد - كنسق تعليمي داخل كليات الشرطة هو عملية فرز أولي لإختيار الشخصية القابلة للتشكل وإحلال معيار أخلاقي سلطوي قهري محل آخر. لهذا تحرص وزارة الداخلية علي إختيار الفاشلين من خريجي الثانوية العامة خاصة من الطبقات الدنيا والمتوسطة والبيروقراط والذين لديهم إستعداد لتقبل القهر وممارسته في ذات الوقت. وتعمل النظم الدراسية ـ إن وجد شىء بهذا الاسم في كليات الشرطة ـ علي وقف نمو قدرة الفرد على التمثيل المعرفي للاحداث، وتشويش قدرته على تقييم سلوكه ، وخلق منظومة أخلاقية خاصة بالجماعة كنسق معرفي موجه ضد الجمهور/الشعب/الفرد/المواطن.

لهذا نادرا مانجد أي أعراض ناتجة عن ندم رجل الشرطة علي ممارسة أفعال وحشية لا آدمية تجاه أبناء وطنه، ببساطة لأن الشرطي تم تغيير سلوكه الأخلاقي بسلوك سيكوباتي، وتم وضع رجل الأمن في مكان محصن ضد إختراق أي أفكار عن الضمير والأخلاق وإحاطته بسياج سميك من ضلالات وبارانويا سلطوية وهو الفاشل دراسيا وإجتماعيا وسلوكيا ونفسيا.
لذلك فالسلطة هي ملجأه وملاذه وسبب وجوده.
----------------------------------------------------------
مصطلحات
--------
تشكل هویة الأنا
Ego-Identity Formation
هوية الأنا الأيديولوجية
Ideological Ego-Identity
انغلاق هوية الأنا
Ego-Identity Foreclosure
تشتت هوية الأنا
Ego-Identity Diffusion
في نمو التفكیر الأخلاقي
Moral Reasoning Development
الضبط الداخلي للسلوك
Internalized control of behavior
على التمثيل المعرفي للاحداث
Cognitive Representation