Tuesday, April 25, 2006

نقد الدين


أن القيمة المادية للدين تنبع مما يتكشف عنه الدين من خلال الألم الذي يسعى للتعبير عنه والسمو الروحي فوق هذا الألم. ويتم هذا عبر الممارسات الحياتية اليومية وتناقضات العالم الذي يعيش فيه الناس ؛ إنهم يستشعرون تينك التناقضات من خلال تأثيراتها الضارة والهدّامة على المجتمع ، ويتجلى ذلك في تظاهرات ذات شكل ديني.


ومن هذا المنطلق يستوجب قراءة القول المأثور لماركس : " إن الانتعاش الديني هو تعبير عن الحالة الراهنة من جهة ن واحتجاج عليها من جهة أخرى. أن الدين هو متنفس البشر المقموعين، هو الدفء في عالم لا مبالٍ كما انه روحانية الظروف الاجتماعية السائدة التي لا مكان فيها للروح. الدين هو أفيون الشعوب . " أن تشبيه الدين بالأفيون لا يعني أن الدين يُفقد الناس قدراتهم العقلية والإدراكية ، بل أنه في الحقيقة يعمل كمهدئ ، مزيل لآلام ومعاناة البشر, فالأفيون – كما هو الحال اليوم مع الكثير من العقارات الطبية الأخرى – كان يستخدم خلال القرن التاسع عشر كدواء. (وبالتالي فالمقارنة ايجابية الفحوى وموضوعية.)

وعليه يجب أن نبني أي نقد حقيقي للدين على أساس تغيير العالم واستئصال مسببات المعاناة والفقر للبشر. أن التخلي عن كافة الاعتقادات الخاطئة التي يكّونها الناس حول الشروط المحيطة بهم ، والتخلي عن أية حالة تقوم على الأوهام يشكلان جوهر سعي الإنسان إلى تحقيق السعادة الحقّة. وهكذا فأن نقداً للدين هو نقد لفيض المآسي الاجتماعية الذي تشكل الغيبية والاتكالية جزئيها الأعظم. أن تكون راضياً بعقيدة جامدة، وتطلب من الناس التصدي للدين بدون تغيير الشروط الاجتماعية التي خَلَقَت معاناتهم ، هو عمل صفيق خالٍ من أي تقدير لمشاعر
البشر وينقصه الإقناع الاجتماعي

إن عالم الدين هو انعكاس للعالم الحقيقي ، ولكنه انعكاس غير مباشر وبعيد عن الأساس المادي للدين ، ولذلك لا يمكن الاستدلال عن المنحى الاجتماعي من خلاله. إن المعتقدات الدينية تتطلب ، في الجوهر، مجموعتين من الشروط من أجل تطورها . الأولى ، حاجة عملية للناس للاعتقاد بأنهم يملكون السيطرة على حياتهم الشخصية، والثانية ن حاجة نظرية لفهم ارتباطهم بالطبيعة ، بالآخرين والمجتمع ككل إلاّ أنه في الواقع لم ينجح الناس – حتى الآن – في تحقيق هذه السيطرة النظرية والعملية على حياتهم ، لأن القوى الصعبة السيطرة عليها غريبة عنهم وخارجية. كما تبدو تواجه الناس بأسلوب تهديدي.

هذه الثنائية : أي كون القوى المهدِّدة غريبة وخارجية ، تلّخص المشاعر المناقضة تماماً لما كان يُفترَض أن يُغرس في النفوس – أي عدم قدرة المرء على ممارسة أي شكل من أشكال السيطرة على ما يتعلق بالتسيير الشامل للشؤون الدنيوية. ومن ثم تتفاعل هذه الثنائية مع أخرى ، اليأس والأمل ، ليصبح الدين المنقذ (النظري) للخروج من دوامة اليأس والإحباط