Thursday, June 29, 2006

الواحدون ... إعترافات مريض نفسي 1



الواحدون

1 الفخ ... وسواس قهري
------------------------

ـ مفتتح ـ
نور القصد .. في خلل الخطي بدد.


خلال تلك الفترة، إستطاع أن يتجنب تماما الظروف تامة الظلام ، شديدة الغموض، كما يتجنب المصابون بداء المعدة .. الوجبات الثقيلة
.
فضل البقاء فوق السطوح لتربية الطيور، وللتحقيق والبحث في مسائل معينة بشأن العناكب.

ولهذا الغرض ود لويغلق علي نفسه في الحديقة الصخرية، حتي لايري الشمس والنهر المجاور واللغة. ولايظهر علنا إلا في وقت متأخر من الليل..
وإلا ......

وبعد التشاور مع القميص والأكمام والتحدي، قرر أن يقذف لمحات غاضبة إلي القمر، في محاولة مستميتة للتخلص من مريض الصفراء الذي يتشبث بالحياة كتشبث الزوائد اللحمية بالنفس الإنسانية.

" عندما كنت وحيدا .. كنت أملك ذاتي "

أخذ يمشي ذهابا وإيابا، وهو يدرك تماما ما فعله عندما تمدد بين الألواح الخشبية في القبو المعتم.
وبدأ يروي الحلم، بمختلف الطرق والوسائل، المناسبة لحل مشاكله الطارئة الصغيرة.

وفي تلك اللحظة، بدأت ممارسة طريقتي الشهيرة لتفسير الأحلام والتي تتكون من فعل العنف للعنف نفسه، ومن ثم أستطيع تصور ما أود تصوره بإستحضار المشاهد التي إمتلكتها يوما ـ ومسبقا ـ مع القوي الأخري في العالم.

وبهذه الطريقة، تمكنت من الحصول علي معلومات لاتقدر بثمن، عن خيط القلق الذي أصاب ذاته أو ذواتنا، وعن السفر إلي الخارج، والإضطرابات في سلوك الأشجار، والعقد الدينية وعلاقتها بحركة القمر.

لكن، كل هذه الإحتياطات كانت غير كافية.. لأسباب يصعب شرحها.

إختفي الباب في الركض، ومال علي الظل سهم، وبدأ ينزلق لأسفل بشكل درامي ويميل كالطائرة معطوبة الجناح الايسر عند الهبوط.

فقدت روحه القدرة علي الإرتفاع مثل منطاد مثقوب، وتوقف سير غريزة الحفاظ علي الذات،
وأخذ يصرخ: لقد فقدت أهم مكوناتي.. لقد فقدت التحيز.

وأصبح لامفر من أن أسقط في فخ الهاتف والذي يمتص كل شىء ويسيطر عليه كالثقوب السوداء.

وبيد مرتجفة، بدأ الإتصال بجميع الأرقام المصابة باللعنة، والتي يكررها الآن ، شكل عفوي وقهري، أثناء النوم.

البؤس والشكوك، ملأت الثواني التي تلت لقائي به، بينما هو يقف كالهيكل العظمي خلف مائدة الجحيم والمغطاة باللون الأصفر الكريتوني ينتظر الاجابة من الطرف الآخر من العالم، والنصف الاول من ذاته، مسجون في حفرة.

هذه الضوضاء المتقطعة الصادرة من الهاتف أخذت تنغرس في روحه كالإبر النارية القادمة من السماء.

وبدأ العرق .. وبدأت الهمهمة

الخروج إلي النور ... ضعف
نصر المحبين ... فوضي
الذي يقذف النرد ... غيري
الذي يشطب الليل ... أنت
الذين يهيمون حول الجدار ... جبابرة ومرضي
اللغة كالدخان يفصل مابين ذاتي ... ومن يستمعون

لم أرغب في إجراء هذه المحادثات الأكثر حميمية معه، والتي عملت علي إستفزازها، بنفس الطريقة النمطية.

أصبح صوته سميكا كالرغبة، مشحونا بالسؤال، وعندما سمعته يناديني بإسمي الأول ممتلئا بنبرة الاسلوب القسري للألفة، شعرت بالضيق.

أخذ يجبر نفسه علي الضحك بصوت عال ...عندما سقط في حالة الإنهيارالنفسي ، بعدما أمضي ساعات من الدردشة،
إلي أن ظهرت السيدة التي تحمل صندوق النذور، خلف الشاشة الكبيرة،
والتي ماتت في نهاية العرض بصورة فظة وغبية نتيجة الخروج من القصيدة الرعوية.

هذه ... هي تشوهات صاحب الإلتماس المقدم للملاك الواقف علي أبواب السماء ـ وبوابات الجنة ـ

وتلك ... هي الكوارث التي أتعبت روحه ، وجعلتها تسكن أسفل القبو المعتم شديد الرطوبة.

أمعن في التحديق وهو معلقا من جفنيه

وقال لي:

تذكر...

علينا أن نلتقي في اليوم التالي عند نبع الشبق

أو باب المسجد.. أو الكنيسة.. أو المعبد

الذي أفضل

أن أنسي ... إسمه.