Tuesday, May 23, 2006

وهم الخطاب النخبوي ، تأسيس الثقافة



تأسيس الخطاب الثقافي


إن هناك جدارا صلدا، بين وعي النخبة ووعي الجماهير، ولاأعتقد أن الوعي الاول سيخترق الوعي الآخر، لأنه
يدخل عنده في باب الرطانة، التي لايعرف لها رأس من ذيل، والمجتمع المصري، أو أي مجتمع عربي آخر، قد يرفض الحداثة ومابعد الحداثة وفلسفة مابعد الانسان أو حتي العقلانية علي مستوي الذهن والتفكير، ولكنه لامناص له من ممارسة الحداثة، إنه يمارسها ويعيشها ـ علي خلاف المثقفين ـ دون قوالب ذهنية مسبقة.

إن مايسمى بالنخبة المثقفة التنويرية في مصر تمثل قمة التناقض، فعلي سبيل المثال يرفضون اطروحة نهاية التاريخ لفوكوياما أو صراع الحضارات لهينينجتون، وفي الوقت نفسه لايكفون عن إطراء ومدح مداولات عصر التنوير العربي، وتكرار الحديث عن طه حسين ومصطفي عبدالرازق.

لقد حان الوقت لتأسيس لغة الخطاب الثقافي ومغادرة منازل المحنة وإطلاق إمكانيات العقل والتخلص من أسر هذه المراثي البائسة.

الخطاب التأسيسي لابد له أولا التواصل مع المتلقي وخلق وعي مواز بعيدا عن رطانة المنظرين والاخفاق في إنتاج آليات محلية وذاتية لنمو الحضارة والاغراق في الحداثة غير المنتجة للحضارة. ولابد له ايضا اسقاط مبدأ الانكفاء علي النفس والغرق في الماهية المجسدة الثابتة ومقولة العودة إلي الماضي ليصبح الدين هو الملجأ ضد الشعور بالهامشية.

الخطاب التأسيسي هو خطاب مخالف للتراثي ورفضه للاعتراف بأزمة الثقافة ومغاير للحداثي الذي يقول بعدم أهلية الثقافة العربية وضرورة التخلي عنها.

الخطاب التأسيسي هو نوع من ملاقاة الذات كبداية لحركة نهضوية ذاتية متحررة تقوم علي تحرير العقل بدون إقصاء للعلم أو إقصاء للتراث، وتوسيع دائرة النقاش والحوار العقلي.

وأي سياسة ثقافية تقوم علي فرض ايديولوجية علي العقل، حداثية كانت أو تراثية، تقتل الحوار، وتفضي بالضرورة إلي إلغاء الوعي، وإلغاء الثقافة كنبع لابداعات والتجديدات الذاتية، وبالتالي أفق أي تغيىر فعلي. إن السياسة الوحيدة المنتجة في الثقافة لايمكن إذن أن تكون إلا حرية الثقافة.


ولنا عودة.