Friday, August 25, 2006

بين يهوه و إيل ... إشكالية تاريخ الإله




التاريخ الديني أحوال وتفاعلات، لذلك أدت مجموعة من ظروف التاريخ الديني إلي إستمرار مدهش لواحدة من القبائل
الهامشية القديمة وهي القبيلة الإسرائيلية .. والتي جاءت إلي منطقتنا من مكان بعيد غير محدد ومثار خلاف بحثي، رغم عدم وجود أي ذكر لها في مراجع التاريخ كعلم.

وقد دانت هذه القبيلة بما يعرف بالديانة اليهودية التي تنسب إما للسبط يهوذا أحد الاسباط الاثني عشر أبناء يعقوب في آساطير البطاركة الأولين، وهو الرأي المرحج، وإما لرب اليهودية المعروف في التوراة باسم يهوه أو جاهوفا أو ياه أو إهيه أو يهيه علي مختلف التنغيمات
. وهو الذي ظهر لموسي حسب النص التوراتي علي هيئة لهيب مضيء ينبعث من شجرة لا تحترق باللهيب.

ولم يكن يهوه ذا شأن عظيم في أطوارها الاولي، حيث أن عقائد القبائل المنعوتة باسم إسرائيل تتضمن رواسب لأشكال بدائية من عبادات الحيوانات إلي عبادة قوي الطبيعة، إضافة إلي عبادة الاسلاف من غابر الزمن.كذلك عبد هؤلاء أرباب المنطقة وخاصة آلهة الخصب الكنعانية ـ البعول جمع بعل أي السيد أو الرب ـ .وأشهرهم بعل تموز وبعل كنعان ـ بعل مولك أي السيد الملك ـ والبعل الفينيقي أدونيس واسمه بحذف التصريف الاسمي في آخر الكلمة يس هو أدون / أدوناي أي السيد أو الرب أيضا.

وأيضا عبدوا كبير الارباب السامية ورئيس مجمعها إيل .. الذي تنتسب إليه أسماء شهيرة مثل عزرا ـ يل وجبرا ـ إيل وإسماع ـ إيل .. وهو الذي اشتق منه اسم الجلالة إيلاه أو إله الذي أصبح في العربية الله.

كما عبدوا عشتروت الرافدية وعشيرة الفينيقية وعناة الكنعانية ، وكذلك عبدوا عبادات مصري واضحة مثل اليواريس الحية ومراكب الشمس.
ونماذج لهذا تجدها في:
خروج 32 / 1 ـ 4
سفر العدد 25 / 1 ـ
3سفر القضاة 2 / 11ـ
7ملوك أول 18 14، 11/ 1 ـ 8 ، 12 ـ
28 ، ملوك ثاني 18 ـ 14، 18 ـ 4

وقد عبد البطاركة الأوائل من إبراهيم إلي إسحق ويعقوب حتي زمن موسي كبير الآلهة إيل لكن إلي جواره كانت عبادة الاصنام شيئا معلوما بالتوراة. فهذه راحيل زوجة يعقوب تسرق أصنام أبيها المنزلية عتزازابها عدما غادرت موطنها حاران إلي فلسطين بصحبة زوجها يعقوب ـ تكوين 31/ 34
والإله يهوه نفسه في التوراة لم يدع لحظة أنه رب البشر أجمعين بمفرده، فهو يعترف ببساطة بوجود آلهة أخري يغير منها، حتي وجد ان من حقه علي الشعب الذي إختاره أن يميزه عن هذه الآلهة ويعبده دونها، لذلك كانت الوصية الاولي من الوصايا العشر " لايكن لك آلهة أخري أمامي ". ـ خروج 20 ـ
" لا مثل لك بين الالهة يارب " المزمور 86ـ 8

وخلال ذلك السير التطوري الطويل كان كهنة يهوه وأنبيائه يكافحون لجعله ربا عالميا لذلك أدمجوا جميع الرموز المعبودة في رب واحد هو يهوه الذي صار ربا واحدا تتجلي فيه جميع قدرات الآلهة الاخري القديمة. فهو رب البرق والرعد مثل بعل، والسخط والعذاب مثل سيت المصري، ورب الرحمة مثل أوزوريس ، ورب البراكين والزلازل مثل تيفون وقاتل الحية أبوفيس أو لوياثان .. وهو الذي سرق انتصار البعل الكنعاني علي لوياثان. ـ المزمور 74.

سؤال يطرح نفسه هنا ...هل يتبع أصحاب الديانات التوحيدية صورة يهوه إله الصحراء الغيور الحاقد المنتقم دائما، أم إيل ـ أدوناي ـ مردوك الطيب إله الخصب كلي الرحمة ؟
سؤال آخر: هل نجح الكاتب التوراتي في إرسال صورة يهوه كإله كلي القدرة إلي الأديان اللاحقة ؟

هذا ما كان من تاريخ يهوه فماذا عن تاريخ شاطان أو الشيطان ..؟
هذا ما سنتحدث عنه في المرة القادمة.

ملحوظة: كلامي هنا عن تاريخ الآلهة القديمة وشخصيات التوراة ولا علاقة له باللاهوت الديني الإسلامي أو المسيحي أو اليهودي أو الاديان عامة أو حتي لاهوت عبادة الفيل الأبيض .. هو مجرد كلام "تاريخي".. وهذا توضيح حتي لا يتحفنا أصحاب السيوف الخشبية و مدمنو النضال بترهاتهم.


المراجع
-------
مغامرة العقل الاولي - فراس السواح
تاريخ فلسطين عبر العصور ـ يوسف سامي يوسف
النبي موسي وآخر أيام تل العمارنة ـ سيد
القمني