Saturday, January 27, 2007

......... الذين سكنوا بيتنا


إهداء
-----
إلي الصديق الفنان م. ح. ه. : من يعرف لغة العصافير، لابد وأن يحلق طائرا يوما ما

وإلي الصديق د/أسامة القفاش: للمعرفة أسرار ، أنت واحد منهم
وإلي الصديق ياسر ثابت: كل كلمة تكتبها، هي مفتتح للوداد

When liberty is taken away by force it can be restored by force. When it is relinquished voluntarily by default it can never be recovered.

In religion and politics people's beliefs and convictions are in almost every case gotten at second-hand, and without examination, from authorities who have not themselves examined the questions at issue but have taken them at second-hand from other non-examiners, whose opinions about them were not worth a brass farthing.
Mark Twain


قديما ، حذر فرويد تلاميذه مما أسماه "الطموح العلاجي
Therapeutic Ambition
وقال أن الطبيب المعالج عليه أن يتحلي بالصبر ولا يتعجل الشفاء، حتي تتاح أمامه الصورة المرضية بشكل أوضح، ولكيلا يشعر المريض النفسي أن طبيبه المعالج يبذل جهدا كبيرا ليس حبا للمريض ورغبة حقيقية في شفائه بل لإثبات نبوغه الشخصي وقدراته الإكلينيكية. وهو مايؤدي غالبا إلي تنعت المريض متعمدا أن تسوء حالته ليثبت العكس.
إي أن التخلص من مفهوم "السلطة" عند الطبيب،ومفهوم "سلطة الضحية" لدي المريض .. هي إولي خطوات العلاج الناجح.

شرعية السلطة
-------------
إن وجود سلطة عليا ، هو أمر ملزم لقيام أي دولة.. حيث يخضع لهذه السلطة جميع الأفراد المكونين للجماعة.
السلطة بتعريفها المباشر هي قدرة التصرف الحر المنوطة بمهمة حكم الناس عن طريق ديناميكية خلق النظم والقوانين.
السؤال هنا: متي تصبح السلطة شرعية؟ وما هي مقومات شرعية السلطة؟
ما أعنيه بالشرعية في أطار هذا الكلام، القواعد العامة والاهداف الحاضرة والمستقبلية التي تعبر عن رؤية تكاملية لواقع الدولة ولحظتها
الآنية وكذلك مستقبلها

لذلك غالبا ما تأتي القرارات المصيرية أو الخطط الإصلاحية من سلطات تامة الشرعية قادرة أن تضعها موضع التنفيذ دون خوف من فقدان السلطة أو مواجهة إعتراضات مؤثرة أو الضرار بشعبيتها.
وشرعية السلطة إما قانونية تستمد قوتها ورسوخها من القانون والدتور، أو شرعية شعبوية تحتقر الإجراءات والقواعد وتحاول الإتصال
بالجماهير علي حساب مؤسسات الحكم، وتزدري القانون عمدا

وهكذا يتم "تصنيع" ما يسمي بالزعيم، القائد، المخلص أو الأب الرمزي - البطريرك - . وبعد ذلك يبدأ الزعيم في تزكية وتقوية النزعة الشعبوية مع غياب كامل لسلطة القانون/المنطق/الصالح العام.
"ناصر في مصر، صدام في العراق ، حسن نصرالله في لبنان

وهكذا، يتم الانفصال التام عن أي حركة حداثية، مع إرتدد رمزي وتقهقر تاريخي للإتصال بالهوية، وخلق موقف عدائي للأجنبي - الغرب ، أمريكا، أوروبا ، الدنمارك، ..... ألخ ـ والإلتصاق التام باللبيدو الديني

هذه الشرعية الشعبوية المزعومة تحتوي في نسيجها شريحة ثقافية متلونة ـ قومجية .. دينية - تؤدي دور الجماعة الوظيفية مع إلتزام شديد بتسييس الدين والعمل الدؤوب لتجميد الفكر والحفاظ علي الهوية الرمزية تحت مسميات علي شاكلة "ثوابت الأمة".
حتي علمنة الدولة لاتستطيع أن تؤسس لسلطة شرعية. فالسلطة القهرية تستطيع إعتناق العلمانية أو الدين حسب مصلحتها ودرجة الحراك الدائر . من شروط السلطة الشرعية ، قيامها علي مبادىء "بشرية" ناتجة عن علمنة ذهنية أولا .. كي تتحقق في الواقع. أي أن الأساس المنطقي للتفكير هو حجر الاساس لخلق نظام فعلي للحياة السياسة.

إسرائيل .. والسلطة الشعبوية .. والبعد النفسي للإستبداد
------------------------------------------------------
علي السلطة القهرية أن توجد قناة للإتصال بالجماعير عبر خطاب يدشن لخلق صورة العدو بعيدا عن آليات الصراع الحقيقي ومعايير
التعامل مع هذا العدو وكيفية التغلب عليه بحساب ميزان القوي المتاحة

الكيان الإسرائيلي خلق للسلطة القهرية وزعمائها مناخ نفسي مناسب للإستبداد، وساعد علي إهدار قيمة الفرد والجماعة ، وأدي إلي قيام حركات قومية وإسلاموية معادية لقيم الليبرالية الفكرية، والسلطة القانونية، والحرية الإجتماعية والإقتصادية

ألم يدرك هؤلاء أن إسرائيل تحركت "تاريخيا" من مجرد دولة وظيفية وذراع أمريكا في المنطقة إلي "ولاية" أمريكية. بل ومعيار أخلاقي "تطهري" لجميع دول الغرب بما فيهم ألمانيا

ألم يدرك هؤلاء أن "عمق" العلاقة بين أمريكا وإسرائيل يتجاوز وجود اللوبي اليهودي ورأس المال اليهودي إلي علاقة خاصة مع مؤسسة الرئاسة والاعلام الامريكي والمؤسسات الجامعية والبحثية والثقافية

ألم يدرك هؤلاء مدي قوة الروابط الثقافية والنفسية التي تتجاوز المصالح السياسية المشتركة

ألم يدرك هؤلاء تراجع فكرة الصهيونية في أدبيات الكيان الإسرائيلي ممثلة في بناء الجدار العازل

أليس من الأجدر بنا أن نفهم عدونا وما يحدث بداخله من متغيرات بدلا من إجترار نفس الافكار البالية عن طريق السلطات القهرية والتي تعتبر إسرائيل سبب رئيسي لوجودها وإستمراريتها

لقد أدي الاصرار علي عسكرة الصراع العربي الإسرائيلي إلي عسكرة الحياة السياسية والثقافية في الدول العربية
هكذا أصبحت إسرائيل هي واجهة الصراع وقناة إتصال بين الزعيم والجمهور، وذريعة قوية لهدم أي أساس قانوني للسلطة.
فالحرية والشرعية وتحسن الأحوال... مؤجل حتي إشعار آخر.

أسئلة مشروعة
------------

أيهما أخطر: إحتلال إسرائيل للأرض أم لأرواحنا؟
هل نقل فكرة الصراع العسكري ـ سياسيا وثقافيا ـ مع إسرائيل / أمريكا إلي مناطق متوازنة القوة بدلا من حصرها في الحيز العسكري غير المتكافىء حاليا، مع الانفتاح الحضاري علي العالم .. فكرة تبدو أكثر منطقية في الوقت الحاضر علي الأقل؟

وأخيرا .. هل التخلص من فكرة الزعيم والمخلص وهدم قنوات الإتصال الشعبوية بين السلطة القهرية والجماهير مغيبة الوعي .. يساعد علي تكوين سلطات شرعية تحرر مواطنيها من إحتلال إسرائيل للأرض والروح؟

................ ربما